ويروى: نفع قليل. قالوا: إن أول من قال ذلك فاقرة، أمراع مرة الأسدي، وكانت من أجمل النساء في زمانها. وإن زوجها غاب عنها أعواماً فهويت عبداً لها حامياً، كان يرعى ماشيتها. فلما همت به أقبلت على نفسها فقالت: يا نفس، لا خير في الشرة فإنها تفضح الحرة، وتحدث العرة. ثم أعرضت عنه حيناً، ثم همت به فقالت: يا نفس، موتة مريحة خير من الفضيحة وركوب القبيحة، وإياك والعار، ولبوس الشنار، وسوء الشعار، ولؤم الدثار. ثم همت به وقالت: إن كانت مرة واحدة فقد تصلح الفاسدة، وتكرم العائدة. ثم جسرت على أمرها فقالت للعبد: احضر مبيتي الليلة. فأتاها فواقعها، وكان زوجها عائفاً مارداً، وكان قد غاب دهراً ثم أقبل آتياً، فبينا هو يطعم إذ نعب غراب فأخبره أن امرأته لم تفجر قط ولا تفجر إلا تلك الليلة. فركب مرة فرسه وسار مسرعاً رجاء أن هو أحسها أمنها أبداً، فانتهى إليها، وقد قام العبد عنها وقد ندمت وهي تقول: خير قليل وفضحت نفسي. فسمعها مرة، فدخل عليها وهو يرعد لما به من الغيظ فقالت له: ما يرعدك? قال مرة ليعلم أنه قد علم: خير قليل وفضحت نفسي. فشهقت شهقة وماتت فقال مرة:
لحا الله رب الناس فاقر ميتة | وأهون بها مفقوده حين تفقد | |
لعمرك ما تعتادني منك لوعة | ولا أنا من وجد عليك مسهد |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق