الجمعة، 17 مارس 2017

أخوك أم الليل

أي، المرئي أخوك أم هو سواد الليل. يضرب عند الارتياب بالشيء في سواد وظلمة.

إنها الإبل بسلامتها

قال يونس: زعموا أن الضبيع أخذت فصيلاً رازماً في دار قوم قد ارتحلوا وخلوه، فجعلت تخليه للكلأ وتأتيه فتغاره إياه، حتى إذا امتلأ بطنه وسمن أتته لتستاقه، فركضها ركضة دقم فاها، فعند ذلك قالت الضبيع: أنها الإبل بسلامتها. يضرب لمن تزدريه فأخلف ظنك.

إن لا تلد يولد لك

يعني، أن الرجل إذا تزوج المرأة لها أولاد من غيره جردوه. يضرب للرجل يدخل نفسه فيما لا يعنيه فيبتلي به.

إبلي لم أبع ولم أهب

أي، لم أبعها ولم أهبها. يضرب للظالم يخاصمك فيما لا حق له فيه.

إن من اليوم آخره

يضربه من يسبطأ فيقال له: ضيعت حاجتك. فيقول: أن من اليوم آخره. يعني، أن غدوه وعشيه سواء.

أنت مني بين أذني وعاتقي

أي، بالمكان الأفضل الذي لا أستطيع رفع حقه.

إن أخا العزاء من يسعى معك

العزاء، السنة الشديدة. أي، أن أخاك من لا يخذلك في الحالة الشديدة.

إن كنت عطشان فقد أنى لك

يضرب لطالب الثأر. أي قد أتى لك أن تنتصر. وأنى وآن، لغتان في معنى حان.

أخو الظلماء أعشى بالليل

يضرب لمن يخطئ حدته، ولا يبصر المخرج مما وقع فيه.

أنا أشغل عنك من موضع بهم سبعين

لأن صاحب إليهم أكثر شغلاً من غيره لصغر نتاجه.

إن كنت غضبي فعلى هنك فاغضبي

قال يونس بن حبيب: يقال، زنت إبنة لرجل من العرب، وهي بكر، فناداها أبوها يا فلانة. فقالت: إني غضبي. قال لها أبوها: ولم? قالت: إني حبيلى. قال: إن كنت غضبى ... المثل. أي، هذا ذنبك. يضرب في موضع قولهم: يداك أوكتا وفوك نفخ.

إلى ذلك ما أولادها عيس

ذلك إشارة إلى الموعود. والهاء في، أولادها، للنوق. و، ما، عبارة عن الوقت. يضرب للرجل يعدك الوعد فيطول عليك، فتقول: إلى أن يحصل هذا الموعود وقت تصير فصلان النوق فيه عيساً. ومثله قولهم:

إلى ذاك زك ما باض الحمام وفرخا

يضرب للمطول الدفاع.

أمر فاتك فارتحل شاتك

يضرب للرجل يسألك عن أمر لا تحب أن تخبره به، يريد، أنك إن طلبته لا تقدر عليه، كما لا تقدر أن ترتحل شاتك.

إن الهزيل إذا شبع مات

يضرب لمن استغنى فتجبر على الناس.

الخميس، 16 مارس 2017

إن العراك في النهل

العراك، الزحام. يضرب مثلاً في الخصومة، أي، أول الأمر أشده فعاجل بأخذ الحزم.

إن لم أنفعكم قبلاً لم أنفعكم عللا

القبل، والنهل، الشرب الأول. والعلل، الشرب الثاني. والدخال، الثالث. يقول: أن لم أنفعكم في أول أمركم لم أنفعكم في آخره

أنت لها فكن ذا مرة

الهاء، للحرب. أي أنت الذي خلقت لها فكن ذا قوة.

أخو الكظاظ من لا يسأمه

المكاظة، الممارسة الشديدة في الحرب، وبينهم كظاظ، قال الراجز. إذا سئمت ربيعة الكظاظا. يضرب لمن يؤمر بمشارة القوم. أي، أخو الشر من لا يمله.

أتت في مثل صاحب البعرة

وذلك أن رجلاً كانت له ظنة في قوم، فجمعهم ليستبرئهم، فأخذ بعرة فقال: إني أرمي ببعرتي هذه صاحب ظنتي. فجفل لها أحدهم فقال: لا ترمني ببعرتك. فأخصم على نفسه. يضرب لكل مظهر على نفسه ما لم يطلع عليه.

أمراءاً وما اختار وإن أبي إلا النار

أي، دع أمرءاً واختياره. يضرب عند الحض على رفض من لم يقبل النصح منك.

إن أضاخاً منهل مورود

أضاخ، بالضم، موضع يذكر ويؤنث. يضرب مثلاً للرجل الكثير الغاشية الغزير المعروف.

إنه ماعز مقروظ

ماعز، واحد المعز، مثل صاحب وصحب، والماعز أيضاً جلد المعز. قال الشماخ:
ويردان من خال وسبعون درهماعلى ذاك مقروظ من القد ماعز
والمقروظ، المدبوغ بالقرظ. يضرب للتام العقل، الكامل الرأي.

إما خبت وإما بركت

الخبب والخبيب والخب، ضرب من العدو وذلك إذا راوح بين يديه ورجليه. يضرب للرجل بفرط مرة في الخير، ومرة في الشر، فيبلغ في الأمرين الغاية.

إنه لرابط الجأش على الأغباش

الجأش، جأش القلب، وهو رواعة، أي موضع روعه إذا اضطرب عند الفزع. ومعنى رابط الجأش، أنه يربط نفسه عن الفرار لشجاعته. والأغبش، جمع غبش وهو الظلمة. ويضرب للجسور على الأهوال.

إما عليها وإما لها

أي، اركب الخطر على أي الأمرين وقعت، من نجح أو خيبة، والهاء، في عليها ولها، رادعة إلى النفس. أي، إما إن تحمل عليها وإما أن تتحمل الكد لها.

إذا حز أخوك فكل

يضرب في الحث على الثقة بالأخ.

أنت الأمير فطلقي أو راجعي

يضرب في تأكيد القدرة تهكماً وهزؤاً.

أنت ممن غذي فأرسل

يضرب لمن يسأل عن نسبه فيلتوي به.

ألت اللقاح وإيل علي

قالته امرأة كانت راعية ثم رعي لها. وألت، من الإيالة، وهي السياسة. ومثله، قد ألنا وايل علينا. قاله زياد بن أبيه.

أينما أوجه ألق سعداً

كان الأضبط بن قريع، سيد قومه، فرأى منهم جفوة، فرحل عنهم إلى آخرين، فرآهم يصنعون بساداتهم مثل ذلك، فقال هذا القول. ويروى في كل واد سعد بن زيد.

إستاهلي أهالتي وأحسني إيالتي

أي، خذي صفو مالي وأحسني القيام به علي.

إنك لتحسب علي الأرض حيصاً بيصاً

وحيص بيص، أي ضيقة.

إياك وأن يضر لسانك عنقك

أي، إياك إن تلفظ بما فيه هلاكك، ونسب الضرب إلى اللسان لأنه السبب. كقوله تعالى: ينزع عنهما لباسهما.

أنا دون هذا وفوق ما في نفسك

قاله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لرجل مدحه نفاقاً.

الأربعاء، 15 مارس 2017

أول الحزم المشورة

ويروى المشورة. وهما لغتان، وأصلهما من قولهم: شرت العسل واشترتها إذا جنيتها واستخرجتها من خلفاياها. والمشورة، معناها استخراج الرأي. والمثل لأكثم بن صيفي. ويروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: الرجال ثلاثة، رجل ذو عقل ورأي، ورجل إذا حز به أمر أتى ذا رأي فاستشاره، ورجل حائر بائر لا يأتمر رشداً ولا يطيع مرشداً.

أول العي الاختلاط

يقال: اختلط، إذا غضب، يعني، إذا غضب المخاطب دل ذلك على أنه عي عن الجواب. يقال: عي يعيا عيا بالكسر فهو عي بالفتح.

إذا تولى عقد شيء أوثق

يضرب لمن يوثق بالحزم والجد في الأمور.

إذا أخذت عملاً فخذ فيه.

 أي، إذا بدأت بأمر فمارسه، ولا تنكل عنه، فإن الخيبة في الهيبة.

إنما يضن بالضنين

أي، إنما يجب أن تتمسك بإخاء من تمسك بإخائك.

إنك بعد في العزاز فقم

العزاز، الأرض الصلبة وإنما تكون في الأطراف من الأرضين. يضرب لمن لم يتقص الأمر ويظن أنه قد تقصاه. قال الزهري: كنت اختلف إلى عبيد الله بن عبد الله بن مسعود فكنت أخدمه، وذكر جهده في الخدمة، ثم قال: فقدرت إني استنطقت ما عنده فلما خرج لم أقم له، ولم أظهر له ما كنت أظهره من قبل. قال فنظر إلي وقال: إنك بعد في العزاز فقم. أي، أنت في الطرف من العلم لم تتوسطه بعد.

إنك لا تجني من الشوك العنب

أي، لا تجد عند ذي المنبت السوء جميلاً. والمثل من قول أكثم. يقال: أراد إذا ظلمت فأحذر الانتصار، فإن الظلم لا يكسبك إلا مثل فعلك.

أهلك والليل

أي، أذكر أهلك وبعدهم عنك، وأحذر الليل وظلمته، فهما منصوبان بإضمار الفعل. يضرب في التحذير والأمر بالحزم.

أو مرناً ما أخرى

المرن، بكسر الراء، الخلق والعادة. يقال ما زال ذلك مرني أي عادتي. وما، صلة. وأخرى، صفة للمرن على معنى العادة، ونصب مرناً بتقدير فعل مضمر كأنه جواب من يقول قولاً غير موثوق به فيقول السامع: أو مرناً. أي، أو آخذ مرنا غير ما تحكي. يريد أن الأمر بخلاف ذلك.

إني منثر ورقي فمن شاء أبقى ورقه

وذلك أن رجلاً فاخر رجلاً، فنحر أحدهما جزوراً، ووضع الجفان، ونادى الناس، فلما اجتمعوا أخذ الآخر بدرة وجعل ينثر الورق فترك الناس الطعام واجتمعوا إليه. يضرب في الدهاء.

إن لم يكن وفاق ففراق

أي، أن لم يكن حب في قرب فالوجه المقارقة.

إن تنفري لقد رأيت نفراً


يقال: نفر ينفر وينفر نفاراً ونفوراً، وأما النفر فهو اسم من الأنفار. يضرب لمن يفزع من شيء يحق أن يفزع منه.

إن في مض لسيما

ويروى، لمطعما. مض، كلمة تستعمل بمعنى لا، وليست بجواب لقضاء حاجة ولا رد لها، ولهذا قيل: أن فيه لمطعما، وإن فيه لعلامة. قال الراجز: سألت هل وصل فقالت مض. وسما، فعلى من الوسم، والأصل فيه وسمي، فحولت الفاء إلى العين، فصارت سومي، ثم صارت سيما، فهي الآن عفلى. ومعنا المثل: أن في مض لعلامة درك. يضرب عند الشك في نيل شيء.

إن الهوى يقطع العقبة

أي، يحمل على تحمل المشقة. وهو كقولهم: إن الهوى ليميل.

إنك ما وخيراً

ما، زائدة. ونصب خيراً على تقدير أنك وخيراً مجموعان أو مقترنان. يضرب في موضع البشارة بالخير وقرب نيل المطلوب.

إنك لتمد بسرم كريم

ويروى، بشلو كريم، وأصله، أن رجلاً امتنع من الأكل، أنفة من الاستفراغ، حتى ضعف، فافترسه الذئب وجعل يأكله وهو يقول هذا القول حتى هلك. يضرب لمن يفتخر بما لا افتخار به.

إذا كويت فأنضج وإذا مضغت فادقق

يضرب في الحث على إحكام الأمر.

أدى قدراً مستعيرها

يضرب لمن يعطى ما يلزمه من الحق.

أخوك أم الذئب

أي، هذا الذيب تراه أخوك أم الذئب. يعني، أن أخاك الذي تختاره مثل الذئب فلا تأمنه. يضرب في موضع التماري والشك.

أخذوا في وادي توله

من الوله، وهو مثل، تضلل، بضم التاء والضاد وكسر اللام، في وزنه ومعناه، والوله التحير. يضرب لمن وقع فيما لا يهتدي للخروج منه.

إحدى عشياتك من سقي الإبل

يضرب للمتعب في عمل.

أحد حماريك فازجري

أصله في خطاب امرأة. يضرب لمن يتكلف ما لا يعنيه.

الاثنين، 13 مارس 2017

إحدى عشياتك من نوكى قطن

النوكي، جمع أنوك. وقطن، هو قطن بن نهشل بن دارم النهشلي، وحمقاهم أشد حمقاً من غيرهم، ولعل إبل هذا القائل لقيت منهم شراً، فضرب بهم المثل. وهذا مثل قولهم: إحدى لياليك من ابن الحر واحدي لياليك فهبسي.

الأمر يعرض دونه الأمر

ويروى يحدث. يضرب في ظهور العوائق.

إليك أنزلت القدر بأحنائها

أي جوانبها. هذا مثل قولهم إليك يساق الحديث.

أكلة الشيطان

قالوا: هي حية كانت في الجاهلية لا يقوم له ا شيء. وكانت تأتي بيت الله الحرام في كل حين فتضرب بنفسها الأرض. فلا يمر بها شيء إلا أهلكته. فضرب بها المثل في كل شيء ذهب فلم يوجد له أثر. وأما قولهم: إنما هو شيطان من الشياطين، فإنما يراد به النشاط والقوة والبطر.

إنما هم أكلة رأس

 يضرب مثلاً للقوم يقل عددهم.

أبي يغزو وأمي تحدث

قال ابن الأعرابي: ذكروا أن رجلاً قدم من غزاة، فأتاه جيرانه يسألونه عن الخبر. فجعلت امرأته تقول: قتل من القوم كذا، وهزم كذا، وجرح فلاناً. فقال أبنها متعجباً: أبي يغزو وأمي تحدث.

إياك أعني واسمعي يا جارة

ول من قال ذلك سهل بن مالك الفزاري، وذلك أنه خرج يريد النعمان فمر ببعض أحياء طيء، فسأل عن سيد الحي، فقيل له: حارثة ابن لام. فأم رحله فلم يصبه شاهداً، فقالت له أخته: أنزل في الرحب والسعة. فنزل فأكرمته ولاطفته، ثم خرجت من خبائها، فرأى أجمل أهل دهرها وأكملهم، وكانت عقيلة قومها، وسيدة نسائها، فوقع في نفسه منها شيء فجعل لا يدري كيف يرسل إليها ولا ما يوافقها من ذلك، فجلس بفناء الخباء يوماً، وهي تسمع كلامه، فجعل ينشد ويقول:
يا أخت خير البدو والحضارهكيف ترين في فتى فـزار
أصبح يهوى حرة معطـارهإياك أعني واسمعي يا جاره
فلما سمعت قوله عرفت أنه أباها يعني، فقالت: ماذا يقول ذي عقل أريب، ولا رأي مصيب، ولا أنف نجيب، فأقم ما قمت مكرماً، ثم ارتحل متى شئت مسلماً. ويقال أجابته نظماً فقالت:
إني أقول يا فتـى فـزارهلا ابتغي الزوج ولا الدعارة
ولا فراق أهل هذي الجارهفارحل إلى أهلك باستخاره
فاستحى الفتى وقال: ما أردت منكراً، واسوأتاه! قالت: صدقت، فكأنها استحيت من تسرعها إلى تهمته، فارتحل، فأتى النعمان فحياه وأكرمه لما رجع نزل على أخيها، فبينا هو مقيم عندهم تطلعت إليه نفسها، وكان جميلاً، فأرسلت إليه أن اخطبني أن كان لك إلي حاجة يوماً من الدهر، فإني سريعة إلى ما تريد. فخطبها وتزوجها وسار بها إلى قومه. يضرب لمن يتكلم بكلام ويريد به شيئاً غيره.

أنا النذير العريان

قال ابن الكلبي: كان من حديث النذير العريان أن أبا داود الشاعر كان جاراً للمنذر بن ماء السماء، وأن أبا داود نازع رجلاً بالحيرة من بهراء يقال له رقبة بن عامر، فقال له رقبة: صالحني وحالفني. قال أبو داود: فمن أين تعيش أبا داود? فوالله لولا ما تصيب من بهراء لهلكت. ثم افترقا على تلك الحالة. وأن أبا داود أخرج بنين له ثلاثة في تجارة إلى الشام، فبلغ ذلك رقبة، فبعث إلى قومه فأخبرهم بما قال له أبو داود عند المنذر. وأخبرهم أن القوم ولد أبي داود، فخرجوا إلى لشام فقتلوهم، وبعثوا برؤوسهم إلى رقبة، فلما أتته الرؤوس صنع طعاماً كثيراً، ثم أتى المنذر فقال له: قد اصطنعت لك طعاماً فأنا أحب أن تتغدى. فأتاه المنذر وأبو داود معه، فبينا الجفان ترفع وتوضع إذ جاءت جفنه عليها أحد رؤوس بني أبي داود، فقال أبو داود: أبيت اللعن إني جارك وقد ترى ما صنع بي، وكان رقبة جار للمنذر، قال: فوقع المنذر منهما في سوأة، وأمر برقبة فحبس وقال لأبي داود: ما يرضيك? قال: أن تبعث بكتيبتيك الشهناء والدوسر إليهم. فقال له المنذر: قد فعلت. فوجه إليهم الكتيبتين قال: فلما رأى ذلك رقبة من صنع المنذر قال لامرأته: الحقي بقومك فأنذريهم، فعمدت إلى بعض إبل البهراني فركبته ثم خرجت حتى أتت قومها فعرفت ثم قالت: أنا النذير العريان. فأرسلتها مثلاً. وعرف القوم ما تريد، فصعدوا إلى علياء الشام، وأقبلت الكتيبتان فلم تصيبا منهم أحداً: فقال المنذر لأبي داود: قد رأيت ما كان منهم أفي سكتك عني أن أعطيك بكل رأس مائتي بعير. قال: نعم، فأعطاه ذلك. وفيه يقول قيس بن زهير العبسي:
سأفعل ما بدا لي ثم آويإلى جار كجار أبي داود
وقال غيره: إنما قالوا النذير العريان، لأن الرجل إذا رأى الغارة قد فجأتهم، وأراد أنذار قومه، تجرد من ثيابه وأشار بها ليعلم أنه قد فجأهم أمر. ثم صار مثلاً لكل أمر تخاف مفاجأته ولكل أمر لا شبهة فيه.

إليك يساق الحديث

زعموا أن رجلاً أتى امرأة يخطبها فأنعظ وهي تكلمه فجعل كلما كلمته ازداد إنعاظاً، وجعل يستحي ممن حضرها من أهلها، فوضع يده على ذكره وقال: إليك يساق الحديث. فأرسلها مثلاً. وقال ابن الكلبي: جمع عامر بن صعصعة بنيه ليوصيهم عند موته فمكث طويلاً لا يتكلم فاستحثه بعضهم فقال له: إليك يساق الحديث.

آهة وميهة

قال الأصمعي: الآهة، التأوه والتوجع. قال المثقب العبدي:
إذا ما قمت أرحلها بليلتأوه آهة الرجل الحزين
وقال بعضهم: الآهة، الحصبة، والميهة، الجدري. يعني جدري الغنم. قال الفراء: هي الأميهة أسقطت همزتها لكثرة الاستعمال كما أسقطوا همزة هو خير مني وشر مني، وكان الأصل أخير وأشر، ويقال من ذلك أمهت الغنم فهي مأموهة. وقال غيره: ميهة وأميهة واحد. قال الشاعر:
طبيخ نحاز أو طـبـيخ أمـيهةصغير العظام سيء القشب أملط

إن لم يكن شحم فنفش

النفش، الصوف. قاله ابن الأعرابي، يعني إن لم يكن فعل فرياء. وقال غيره: النفش القليل من اللبن. يضرب عند التبلغ باليسير.

أنت مرة عيش ومرة جيش

أي، أنت ذو عيش مرة وذو جيش أخرى. قال ابن الأعرابي: أصله أن يكون الرجل مرة في عيش رخي ومرة في شدة.

إنه لنكد الحظيرة

النكد، قلة الخير. يقال ننكدت الركية إذا قل ماؤها وجمع النكد أنكاد ونكد. قال الكميت:
نزلت به أنف الـربـيع وزايلت نكد الحظائر
قال أبو عبيد: أراه سمى أمواله حظيرة لأنه حظرها عنده ومنعها فهي فعيله بمعنى مفعولة.

أنت تئق وأنا مئق فمتى نتفق

قال أبو عبيد: التئق، السريع إلى الشر. والمئق، السريع إلى البكاء. وقال الأصمعي: هو الحديد، يعني التئق، قال الشاعر يصف كلباً:

أصمع الكعبين مهضوم الحشسا


سرطم اللحيين معـاج تـئق
والمأق، بالتحريك شبيه الفواق يأخذا الإنسان عند البكاء والتشيج كأنه نفس يقلعه من صدره وقد مئق مأقاً. والتأق، الامتلاء من الغضب. يضرب للمختلفين أخلاقاً.

الأحد، 12 مارس 2017

أنا منه فالج بن خلاوة

أي، أنا منه بريء. وذلك أن فالج بن خلاوة الأشجعي قيل له يوم الرقم لما قتل أنيس الأسري اتنصر أنيساً فقال: أنا منه بريء. فصار مثلاً لكل من كان بمعزل عن أمر وإن كان في الأصل اسماً لذلك الرجل.

أنا غريك من هذا الأمر

أي، أنا عالم به. فاغترني، أي سلني عنه على غرة أخبرك به من غير استعداد له. وقال الأصمعي: معناه أنك لست بمغرور من جهتي لكن أنا المغرور، وذلك أنه بلغني خبر كان باطلاً فأخبرتك به ولم يكن ذاك على ما قلت لك.

إذا كان لك أكثري فتجاف لي عن أيسري

يضرب للذي فيه أخلاق تستحسن وتبدر منه أحياناً سقطه. أي، احتمل من الصديق الذي تحمده في كثير من الأمور سيئة يأتي بها في الأوقات مرة واحدة.

إلادهٍ فلادهٍ

روى ابن الأعرابي: الده فلده، ساكن الهاء. ويروى أيضاً، إلاده فلاده، أي أن لم تعط الاثنين لا تعط العشرة. قال أبو عبيد: يضربه الرجل يقول أريد كذا وكذا فإن قيل له ليس يمكن ذا. قال: فكذا وكذا. وقال الأصمعي: معناه أن لم يكن هذا الآن فلا يكون بعد الآن، وقال: لا أدري ما أصله. قال رؤبة: وقول إلاده فلاده. قال المنذري: قالوا معناه إلا هذه فلا هذه، يعني أن الأصل إلاذه فلاذه، بالذال المعجمة، فعربت بالدال غير المعجمة، كما قالوا يهوذا ثم عرب فقيل يهوداً. وقيل: أصله الأدهى، أي أن لم تضرب. فأدخل التنوين فسقط الياء. قال رؤبة:
فاليوم قد نهنهني منهنهيوأول حلم ليس بالمسفه
وقـول إلاده فــلادهوحقه ليست بقول التره
يقولك زجرني زواجر العقل ورجوع حلم ليس ينسب إلى السفه وقول، أي ورجوع قول، أي نساء قول يقلن أن لم تتب الآن مع هذه الدواعي لا تتب أبداً: وقوله حقة، أي وقالة حقة، يقال حق وحقة، كما يقال أهل وأهلة، يريد الموت وقربه. روى هشام بن محمد الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن عقيل عن أبي طالب قال: كان عبد المطلب بن هاشم نديماً لحرب بن أمية حتى تنافرا إلى نفيل بن عبد العزي، جد عمر بن الخطاب، فانفرد عبد المطلب فتفرقا ومات عبد المطلب وهو ابن عشرين ومائة سنة، ومات قبل الفجار في الحرب التي بين هوازن. ويقال بل تنافرا إلى غزي سلمة الكاهن. قالوا: كان لعبد المطلب ماء بالطائف، يقال له ذو الهرم، فجاء الثقفيون فاحتفروه فخاصمهم عبد المطلب إلى غزي، أو إلى نفيل، فخرج عبد المطلب مع ابنه الحرث وليس له يومئذ غيره، وخرج الثففيون مع صاحبهم وحرب بن أمية معهم على عبد المطلب فنفد ماء عبد المطلب فطلب إليهم أن يسقوه فأبوا، فبلغ العطش منه كل مبلغ، واشرف على الهلاك، فبينا عبد المطلب يثير بعيره ليركب إذ فجر الله له عيناً من تحت جرانه فحمد الله وعلم أن ذلك منه فشرب وشرب أصحابه ريهم وتزودوا منه حاجتهم. ونفد ماء الثقفيين فطلبوا إلى عبدي المطلب أن يسقيهم فأنعم عليهم. فقال له ابنه الحرث: لأنحنين على سيفي حتى يخرج من ظهري. فقال عبد المطلب: لأسقينهم فلا تفعل ذلك بنفسك، فسقاهم ثم انطلقوا حتى أتوا الكاهن وقد خبؤا له رأس جرادة في خرزة مزادة وجعلوه في قلادة كلب لهم يقال له سوار، فلما أتوا الكاهن إذا هم ببقرتين تسوقان بينهما بخرجاً كلتاهما تزعم أنه ولدها، ولدتا في ليلة واحدة، فأكل النمر أحد البخرجين فهما ترأمان الباقي، فلما وقفتا بين يديه قال الكاهن: هل تدرون ما تريد هاتان البقرتان? قالوا: لا. قال الكاهن: ذهب به ذو جسد أربد، وشدق مرمع، وناب معلق، ما للصغرى في ولد الكبرى حق. فقضى به للكبرى ثم قال: ما حاجتكم? قالوا: قد خبأنا لك خبأ فانبئنا عنه ثم نخبرك بحاجتنا. قال: خبأتم لي شيئاً طار فسطع فتصوب فوقع في الأرض منه بقع. فقالوا: لاده، أي بينه. قال: هو شيء طار فاستطار، ذو ذنب جرار، وساق كالمنشار، ورأس كالمسمار. فقالوا: لاده. قال: أن لاده فلاده، هو رأس جرادة، في خرز مزادة، في عنق سوار ذي القلادة. قالوا: صدقت فأخبرنا فيما اختصمنا إليك? فأخبرهم وانتسبوا له فقضى بينهم، ورجعوا إلى منازلهم على حكمه.

إنه لداهية الغبر

قال الكذاب الحرمازي:
أنت لها منذر من بين البـشـرداهية وصـمـاء الـغـبـر
أنت لها إذ عجزت عنها مضر
قالوا: الغبر، الداهية العظيمة التي لا يهتدي لها. قلت: وسمعت أن الغبر عين ماء بعينه تألفها الحيات العظيمة المنكرة، ولذلك قال الحرمازي: وصماء الغبر. أضاف الصماء إلى الغبر المعروفة. وأصل الغبر الفساد، ومنه العرق الغبر، وهو الذي لا يزال ينتقض. فصماء الغبر، بلية لا تكاد تنقضي وتذهب كالعرق الغبر.

أنت أعلم أم من غص بها

الهاء للقمة. يضرب لمن جرب الأمور وعرفها.

إذا زل العالم زل بزلته عالم

لأن للعالم تبعاً فهم به يقتدون. قال الشاعر:
أن الفقيه إذا غوى وأطـاعـهقوم غووا معه فضاع وضيعا
مثل السفينة إن هوت في لجةتغرق ويغرق كل ما فيها معا

إذ طلبت الباطل أبدع بك

يقال: أبدع بالرجل إذا حسر عليه ظهره، أو قام به، أو عطبت راحلته. وفي الحديث أني أبدع بي فاحملني ومعنى المثل: إذا طلبت الباطل لم تظفر بمطلوبك، انقطع بك عن الغرض. ويروى: أنجح بك، أي صار الباطل ذا نجح بك، ومعناه أن الباطل يعطي الأعداء منك مرادهم، وفي هذا نهي عن طلب الباطل.

إياك وما يعتذر منه

أي لا ترتكب أمراً تحتاج فيه إلى الاعتذار منه.

إذا نزا بك الشر فاقعد به

يضرب لمن يؤمر بالحلم وترك التسرع إلى الشر. ويروى، إذا قام بك الشر فاقعد.

إذ طلبت الباطل أبدع بك

يقال: أبدع بالرجل إذا حسر عليه ظهره، أو قام به، أو عطبت راحلته. وفي الحديث أني أبدع بي فاحملني ومعنى المثل: إذا طلبت الباطل لم تظفر بمطلوبك، انقطع بك عن الغرض. ويروى: أنجح بك، أي صار الباطل ذا نجح بك، ومعناه أن الباطل يعطي الأعداء منك مرادهم، وفي هذا نهي عن طلب الباطل.

إن في المرنعة لكل كريم مفنعة

المرنعة، الخصب. والمقنعة، الغني والفضل ويروى مقنعة من القناعة، وبالفاء من قولهم من قنع فنع، أي استغنى. ومنه قوله:
أظل بيتي أم حسناء نـاعـمةحسدتني أم عطاء الله ذا الفنع