الاثنين، 13 مارس 2017

أنا النذير العريان

قال ابن الكلبي: كان من حديث النذير العريان أن أبا داود الشاعر كان جاراً للمنذر بن ماء السماء، وأن أبا داود نازع رجلاً بالحيرة من بهراء يقال له رقبة بن عامر، فقال له رقبة: صالحني وحالفني. قال أبو داود: فمن أين تعيش أبا داود? فوالله لولا ما تصيب من بهراء لهلكت. ثم افترقا على تلك الحالة. وأن أبا داود أخرج بنين له ثلاثة في تجارة إلى الشام، فبلغ ذلك رقبة، فبعث إلى قومه فأخبرهم بما قال له أبو داود عند المنذر. وأخبرهم أن القوم ولد أبي داود، فخرجوا إلى لشام فقتلوهم، وبعثوا برؤوسهم إلى رقبة، فلما أتته الرؤوس صنع طعاماً كثيراً، ثم أتى المنذر فقال له: قد اصطنعت لك طعاماً فأنا أحب أن تتغدى. فأتاه المنذر وأبو داود معه، فبينا الجفان ترفع وتوضع إذ جاءت جفنه عليها أحد رؤوس بني أبي داود، فقال أبو داود: أبيت اللعن إني جارك وقد ترى ما صنع بي، وكان رقبة جار للمنذر، قال: فوقع المنذر منهما في سوأة، وأمر برقبة فحبس وقال لأبي داود: ما يرضيك? قال: أن تبعث بكتيبتيك الشهناء والدوسر إليهم. فقال له المنذر: قد فعلت. فوجه إليهم الكتيبتين قال: فلما رأى ذلك رقبة من صنع المنذر قال لامرأته: الحقي بقومك فأنذريهم، فعمدت إلى بعض إبل البهراني فركبته ثم خرجت حتى أتت قومها فعرفت ثم قالت: أنا النذير العريان. فأرسلتها مثلاً. وعرف القوم ما تريد، فصعدوا إلى علياء الشام، وأقبلت الكتيبتان فلم تصيبا منهم أحداً: فقال المنذر لأبي داود: قد رأيت ما كان منهم أفي سكتك عني أن أعطيك بكل رأس مائتي بعير. قال: نعم، فأعطاه ذلك. وفيه يقول قيس بن زهير العبسي:
سأفعل ما بدا لي ثم آويإلى جار كجار أبي داود
وقال غيره: إنما قالوا النذير العريان، لأن الرجل إذا رأى الغارة قد فجأتهم، وأراد أنذار قومه، تجرد من ثيابه وأشار بها ليعلم أنه قد فجأهم أمر. ثم صار مثلاً لكل أمر تخاف مفاجأته ولكل أمر لا شبهة فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق