الجمعة، 24 فبراير 2017

أخذت الإبل أسلحتها

ويروى، رماحها. وذلك أن تسمن فلا يجد صاحبها من قلبه أن ينحرها.

أصوص عليها صوص

الأصوص، الناقة الحائل السمينة، والصوص، اللئيم. قال الشاعر:
فألفيتكم صوصاً لصوصاً إذا دجا الظلام وهيابين عند البوارق.
يضرب، للأصل الكريم، يظهر منه فرع لئيم، ويستوي في الصوص الواحد والجمع.

إن أخاك ليسر بأن يعتقل

قاله رجل لرجل، قتل له قتيل، فعرض عليه العقل، فقال: لا آخذه. فحدث بذلك رجلاً فقال: بل والله أن أخاك ليسر بأن يعتقل أي، يأخذ العقل. يريد أنه في امتناعه من أخذ الدية غير صادق. يضرب في موضع الذم للكذب.

إذا ترضيت أخاك فلا أخا لك

الترضي، الإرضاء بجهد ومشقة. يقول: إذا ألجأك أخوك إلى أن تترضاه وتداريه، فليس هو بأخ لك.

إن تسلم الجلة فالنيب هدر

الجلة، جمع جليل، يعني: العظمام من الإبل؛ والنيب، جمع ناب، وهي الناقة المسنة، يعني، إذا سلم ما ينتفع به، هان ما لا ينتفع به

أخوك من صدقك النصيحة

يعني، النصيحة في أمر الدين والدنيا، أي صدقك في النصيحة، فحذف في وأوصل الفعل. وفي بعض الحديث، الرجل مرآة أخيه، يعني، إذا رأى من ما يكره أخبره به ونهاه عنه، ولا يوطئه العشوة.

إنه لحثيث التوالي

ويقال، لسريع التوالي؛ يقال ذلك للفرس، وتواليه: مآخيره، رجلاه وذنبه، وتوالي كل شيء، أواخره.
يضرب للرجل الجاد المسرع.

أنا عذلة وأخي خذلة وكلانا ليس بابن أمه

يضرب لمن يخذلك وتعذله.

أي الرجال المهذب

أول من قاله، النابغة حيث قال:

ولست بمستبق أخاً لا تـلـمـهعلى شعث أي الرجال المهذب

إذا عز أخوك فهن

قال أبو عبيد: معناه مياسرتك صديقك ليست بضيم يركبك منه فتدخلك الحمية به إنما هو حسن خلق وتفضل فإذا عاسرك فياسره وكان المفضل يقول أن المثل لهذيل بن هبيرة التغلبي وكان أغار على بني ضبة فغنم فاقبل بالغنائم فقال له أصحابه: أقسمها بيننا. فقال: إني أخاف أن تشاغلتم بالاقتسام أن يدرككم الطلب. فأبوا. فعندها قال: إذا عز أخوك فهن. ثم نزل فقسم بينهم الغنائم وينشد لابن أحمر:
دببت له الضراء وقلت أبقىإذا عز ابن عمك أن تهونـا
أخاك أخاك إن من لا أخا لهكساع إلى الهيجا بغير سلاح
نصب قوله، أخاك، بإضمار فعل أي الزم أخاك أو أكرم أخاك، وقوله: أن من لا أخا له، أراد، لا أخ له، فزاد ألفاً لأن في قوله، له، معنى الإضافة ويجوز أن يحمل على الأصل أي إنه في الأصل، أخو، فلما صار أخا، كعصى ورحى، ترك ههنا على أصله.

أم فرشت فأنامت

يضرب في بر الرجل بصاحبه قال قراد:

وكنت له عماً لطيفاً ووالداًرؤوفاً وأماً مهدت فأنامت

إلى أمه يلهف اللهفان

يضرب في استعانة الرجل بأهله وأخوانه واللهفان المتحسر على الشيء واللهيف المضطر فوضع اللهفان موضع اللهيف ولهف معناه تلهف أي تحسر وإنما وصل بالي على معنى يلجأ ويفر وفي هذا المعنى .

أنا ابن بجدتها

أي أنا عالم بها، والهاء راجعة إلى الأرض يقال: عنده بجدة ذاك أي علم ذاك ويقال أيضاً هو ابن مدينتها وابن بجدتها من مدن بالمكان وبجد إذا أقام به ومن أقام بموضع علم ذلك الموضع. ويقال البجدة التراب فكان قولهم أنا ابن بجدتها أنا مخلوق من تربها. قال كعب بن زهير:
فيها ابن بجدتها يكـاد يذيبـهوقد النهار إذا استنار الصيخد
يعني بابن بجتها الحرباء والهاء في قوله فيها ترجع إلى الفلاة التي يصفها.

أنت كالمصطاد باسته

هذا مثل يضرب لمن يطلب أمراً فيناله من قرب.

إياك وأهلب العضرط

الأهلب الكثير الشعر والعضرط ما بين السبة والمذاكير ويقال له العجان وأصل المثل أن امرأة قال لها ابنها: ما أجد أحداً إلا قهرته وغلبته. فقالت: يا بني إياك وأهلب العضرط قال فصرعه رجل مرة فرآى في أسته شعراً فقال هذا الذي كانت أمي تحذرني منه. يضرب في التحذير للمعجب بنفسه.

أتتك بحائن رجلاه

كان المفضل يخبر بقائل هذا المثل فيقول إنه الحرث بن جبلة الغساني قاله للحرث ابن عيف العبدي وكان ابن العيف قد هجاه فلما عزا الحرث بن جبلة المنذر بن ماء السماء كان ابن العيف معه فقتل المنذر وتفرقت جموعه واسر ابن العيف فأتى به إلى الحرث بن جبلة فعندها قال: أتتك بحائن رجلاه يعني مسيره مع المنذر إليه ثم أمر الحرث سيافه الدلامص فضربه ضربة دقت منكبه ثم برأ منها وبه خبل. وقيل: أول من قاله عبيد بن الأبرص للنعمان ابن المنذر في يوم بؤسه وكان قصده ليمدحه ولم يعرف أنه يوم بؤسه فلما إنتهى إليه قال له النعمان ما جاء بك يا عبيد قال أتتك بحائن رجلاه فقال النعمان هلا كان هذا غيرك قال البلايا على الحوايا فذهبت كلمتاه مثلاً. وستأتي القصة بتمامها في موضع آخر من الكتاب إن شاء الله تعالى

الخميس، 23 فبراير 2017

إن يدم أظلك فقد نقب خفي

الأظل ما تحت منسم البعير والخف واحد الأخفاف وهي قوائمه. يضربه المشكو إليه للشاكي أي أنا منه في مثل ما تشكوه.

إن كنت بي تشد أزرك فأرخه

أي أن تتكل علي في حاجتك فقد حرمتها.

إن الذليل الذي ليست له عضد

أي أنصار وأعوان ومنه قوله تعالى: "وما كنت متخذ المضلين عضداً". وفت في عضده أي كسر من قوته. يضرب لمن يخذله ناصره.

إذا أرجعن شاصياً فارفع يدا

وروى أبو عبيد أرجحن وهما بمعنى مال ويروى أجرعن وهو قلب أرجعن وشاصياً من شصا يشصو شصواً إذا ارتفع يقول إذا سقط الرجل وارتفعت رجله فاكفف عنه يريدون إذا خضع لك فكف عنه.

إنه لخفيف الشقة

يريدون أنه قليل المسألة للناس تعففاً.

أنفك منك وإن كان أذن

الذنين ما يسيل من الأنف من المخاط وقد ذنّ الرجل يذن ذنيناً فهو أذنّ، والمرأة ذناء. وهذا المثل مثل قولهم أنفك منك وإن كان أجدع.

أنف في السماء واست في الماء

يضرب للمتكبر الصغير الشأن.

إنه لشديد جفن العين

يضرب لمن يقدر أن يصبر على السهر.

إذا جاء الحين حارت العين

قال أبو عبيد: وقد روي نحو هذا عن ابن عباس. وذلك أن نجدة الحري أو نافعاً الأزرق قال له: أنك تقول أن الهدهد إذا نقر الأرض عرف مسافة ما بينه وبين الماء وهو لا يبصر شعيرة الفخ. فقال: إذا جاء القدر عمي البصر.

إني لآكل الرأس وأنا أعلم ما فيه

يضرب للأمر تأتيه وأنت تعلم ما فيه مما تكره.

إنه لأخيل من مذالة

أخيل أفعل من خال يخال خالاً إذا اختال وإن كنت للخال فاذهب فخل. والمذالة المهانة. يضرب للمختال مهاناً.

أمامها تلقى أمة عملها

أي أن الأمة أينما توجهت لقيت عملاً.

إلا حظية فلا ألية

مصدر الحظية الحظوة والحظوة والحظة والألية فعيلة من الألو وهو التقصير ونصب حظية وألية على تقدير إلا أكن حظية فلا أكون ألية وهي فعيلة بمعنى فاعلة يعني آلية، ويجوز أن يكون للإزدواج والحظية فعيلة بمعنى مفعوله. يقال: أحظاها الله فهي حظية ويجوز أن تكون بمعنى فاعلة. يقال: حظي فلان عند فلان يحظى حظوة فهو حظيّ والمرأة حظية. قال أبو عبيد: أصل هذا في المرأة تصلف عند زوجها. فيقال لها: إن أخطأتك الحظوة فلا تألي أن تتوددي إليه. يضرب في الأمر بمداراة الناس ليدرك بعض ما يحتاج إليه منهم.

إن البيع مرتخص وغال


قالوا: أول من قال ذلك أحيحة بن الجلاح الأوسي سيد يثرب وكان سبب ذلك أن قيس بن زهير العبسي أتاه وكان صديقاً له لما وقع الشر بينه وبين عامر وخرج إلى المدينة ليتجهز لقتالهم حيث قتل خالد بن جعفر زهير بن جذيمة. فقال قيس لأحيحة: يا أبا عمرو نبئت أن عندك درعاً فبعنيها أو هبها لي. فقال: يا أخا بني عبس ليس مثلي يبيع السلاح ولا يفضل عنه ولولا أني أكره أن أستلئم إلى بني عامر لوهبتها لك ولحملتك على سوابق خيلي، ولكن أشترها بابن لبون فإن البيع مرتخص وغال. فأرسلها مثلاً فقال له قيس: وما تكره من استلآمك إلى بني عامر? قال: كيف لا أكره ذلك وخالد بن جعفر الذي يقول:

إذا ما أردت العز في دار يثربفناد بصوت يا أحيحة تمـنـع
رأينا أبا عمرو أحـيحة جـارهيبيت قرير العين غير مـروع
ومن يأته من خائف ينس خوفهومن يأته من جائع البطن يشبع
فضائل كانت للجـلاح قـديمةوأكرم بفخر من خصالك أربع
فقال قيس يا أبا عمرو ما بعد هذا عليك من لوم ولهي عنه.

إن النساء لحم على وضم

الوضم ما وقي به اللحم من الأرض من بارية أو غيرها وهذا المثل يروى عن عمر رضي الله عنه حين قال: لا يخلون رجل بمغيبة أن النساء لحم على وضم.

إن العوان لا تعلم الخمرة

قال الكسائي: لم نسمع في العوان بمصدر ولا فعل. قال الفراء: يقال عونت تعويناً وهي عوان بينة التعوين، والخمرة من الاختمار كالجلسة من الجلوس اسم للهيئة والحال أي أنها لا تحتاج إلى تعليم الاختمار. يضرب للرجل المجرب.

إنما خدش الخدوش أنوش

الخدش الأثر وأنوش هو ابن شيت بن آدم صلى الله عليهما وسلم أي إنه أول من كتب وأثر بالخط في المكتوب. يضرب فيما قدم عهده.

إنه لواها من الرجال

يروى واها بغير تنوين أي إنه محمود الأخلاق كريم، يعنون إنه أهل لأن يقال له هذه الكلمة وهي كلمة تعجب وتلذذ قال أبو النجم: واها لريا ثم واها واها. ويروى واهاً بالتنوين ويقال للئيم أنه لغير واهاً.

الأربعاء، 22 فبراير 2017

إنه لعض

أي داه. قال القطامي:
أحاديث من أنباء عاد وجرهميثورها العضان زيدود غفل
يعني زيد بن الكيس النمري ودغفلاً الذهلي وكانا عالمي العرب بالأنساب الغامضة والأنباء الخفية.

إنه لثقاب

يعنى به العالم بمعضلات الأمور. قال أوس بن حجر: جواد كريم أخو ماقط نقاب يحدث بالغائب ويروى عن الشعبي أنه دخل على الحجاج بن يوسف فسأله عن فريضة من الجد فأخبره باختلاف الصحابة فيها حتى ذكر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فقال الحجاج: إن كان ابن عباس لنقاباً.

إنما سميت هانئاً لتهنأ

يقال هنأت الرجال أهنؤه وأهنئه هنأ إذا أعطيته والاسم الهنء بالكسر وهو العطاء أي سميت بهذا الاسم لتفضل على الناس قال الكسائي: لتهنأ أي لتعول وقال الأموي لتهنئ أي لتمرئ.

إن البلاء موكل بالمنطق

قال المفضل: يقال إن أول من قال ذلك أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه فيما ذكره ابن عباس قال: حدثني علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرض نفسه على قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بكر فدفعنا إلى مجلس من مجالس العرب. فتقدم أبو بكر وكان نسابة، فسلم فردوا عليه السلام. فقال: ممن القوم? قالوا: من ربيعة فقال: أفمن هامتها أم من لهازمها? قالوا: من هامتها العظمى. قال: فأي هامتها العظمى أنتم? قالوا: ذهل الأكبر. قال: أفمنكم عوف الذي يقال له: لا حر بوادي عوف? قالوا: لا. قال: أفمنكم بسطام ذو اللواء ومنتهى الأحياء? قالوا: لا. قال: أفمنكم جساس ابن مرة حامي الذمار ومانع الجار? قالوا: لا. قال: أفمنكم الحوفزان قاتل الملوك وسالبها أنفسها? قالوا: لا. قال: أفمنكم المزدلف صاحب العمامة الفردة? قالوا لا. قال: أفأنتم أخوال الملوك من كندة? قالوا: لا. قال: فلستم ذهلاً الأكبر أنتم ذهل الأصغر. فقام إليه غلام قد بقل وجهه يقال له دغفل فقال:
إن على سائلنا أن نسـألـهوالعبء لا نعرفه أو نحمله
يا هذا إنك قد سألتنا فلم نكتمك شيئاً فمن الرجل أنت? قال: رجل من قريش. قال: بخ بخ أهل الشرف والرياسة، فمن أي قريش أنت? قال: من تيم ابن مرة. قال: أمكنت والله الرامي من صفاء الثغرة أفمنكم قصي بن كلاب الذي جمع القبائل من فهر وكان يدعي مجمعاً? قال: لا. قال: أفمنكم هاشم الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف? قال: لا. قال: أفمنكم شيبة الحمد مطعم طير السماء الذي كأن في وجهه قمراً يضيء ليل الظلام الداجي? قال: لا. قال: أمن المفيضين بالناس أنت? قال: لا. قال: أفمن أهل الندوة أنت? قال: لا. قال: أفمن أهل الرفادة أنت? قال: لا. قال: أفمن أهل الحجابة أنت? قال: لا. قال: أفمن أهل السقاية أنت? قال: لا. قال: واجتذب أبو بكر زمام ناقته فرجع إلى رسول اله صلى الله عليه وسلم فقال دغفل: صادف درأ السيل درأ يصدغه أما والله لو ثبت لأخبرتك أنك من زمعات قريش أو ما أنا بدغفل. قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال علي: قلت لأبي بكر: لقد وقعت من الأعرابي على باقعة. قال: أجل أن لكل طامة طامة وأن البلاء موكل بالمنطق.

إن تحت طريقتك لعندأوة

الطرق الضعف والاسترخاء ورجل مطروق فيه رخوة وضعف. ومصدره الطريقة بالتشديد والعندأوة فعلأوة من عند يعند عنوداً إذا عدل عن الصواب أو عند يعند إذا خالف ورد الحق: ومعنى المثل أن في لينه وانقياده أحياناً بعض العسر.

إن الكذوب قد يصدق

قال أبو عبيد هذا المثل يضرب للرجل تكون الإساءة الغالبة عليه ثم تكون منه الهنة من الإحسان.

إن العصا من العصية

قال أبو عبيد هكذا قال الأصمعي وأنا أحسبه العصية من العصا إلا أن يراد أن الشيء الجليل يكون في بدء أمره صغيراً كما قالوا أن القرم من الأفيل فيجوز حينئذ على هذا المعنى أن يقال العصا من العصية. قال المفضل: أول من قال ذلك الأفعي الجرهمي وذلك أن نزاراً لما حضرته الوفاة جمع بنيه مضر وإياداً وربيعة وإنماراً فقال: يا بني هذه القبة الحمراء وكانت من أدم لمضر وهذا الفرس الأدهم والخباء الأسود لربيعة وهذه الخادم، وكانت شمطاء، لإياد وهذه البدرة والمجلس لأنمار يجلس فيه فإن أشكل عليكم كيف تقتسمون فائتوا الأفعي الجرهمي ومنزله بنجران. فتشاجروا في ميراثه فتوجهوا إلى الأفعي الجرهمي فبينا هم في مسيرهم إليه إذ رأى مضر أثر كلأ قد رعي فقال أن البعير الذي رعى هذا لأعور قال ربيعة أنه لأزور قال إياد إنه لأبتر قال أنمار إنه لشرود. فساروا قليلاً فإذا هم برجل ينشد جمله فسألهم عن البعير فقال مضر أهو أعور قال نعم قال ربيعة أهو أزور قال نعم قال إياد أهو أبتر قال نعم قال أنمار أهو شرود قال نعم وهذه والله صفة بعيري فدلوني عليه قالوا والله ما رأيناه قال هذا والله الكذب وتعلق بهم وقال كيف أصدقكم وأنتم تصفون بعيري بصفته فساروا حتى قدموا نجران فلما نزلوا نادى صاحب البعير هؤلاء أخذوا جملي ووصفوا لي صفته ثم قالوا لم نره فاختصموا إلى الأفعي وهو حكم العرب فقال الأفعي كيف وصفتموه ولم تروه قال مضر رأيته رعى جانباً وترك جانباً فعلمت أنه أعور. وقال ربيعة رأيت أحدى يديه ثابتة الأثر والأخرى فاسدته فعلمت أنه أزور لأنه أفسده بشدة وطئه لازوراره. وقال إياد عرفت أنه أبتر بإجتماع بعره ولو كان ذيالاً لمصع به. وقال أنمار عرفت أنه شرود لأنه كان يرعى في المكان الملتف نبته ثم يجوزه إلى مكان أرق منه وأخبث نبتاً فعلمت أنه شرود. فقال للرجل ليسوا بأصحاب بعيرك فاطلبه ثم سألهم من أنتم فاخبروه فرحب بهم ثم اخبروه بما جاء بهم فقال اتحتاجون إلي وأنتم كما أرى ثم أنزلهم فذبح لهم شاة وأتاهم بخمر وجلس لهم الأفعي حيث لا يرى وهو يسمع كلامهم فقال ربيعة لم أر كاليوم لحكماً أطيب منه لولا أن شاته غذيت بلبن كلبة فقال مضر لم أر كاليوم خمراً أطيب منه لولا أن حبلتها نبتت على قبر فقال أياد لم أر كاليوم رجلاً أسرى منه لولا أنه ليس لأبيه الذي يدعى له فقال أنمار لم أرَ كاليوم كلاماً أنفع في حاجتنا من كلامنا وكان كلامهم بإذنه فقال ما هؤلاء إلا شياطين ثم دعا القهرمان فقال ما هذه الخمر وما أمرها قال هي من حبلة غرستها على قبر أبيك لم يكن عندنا شراب أطيب من شرابها وقال للرعي ما أمر هذه الشاة قال هي عناق أرضعتها بلبن كلبة وذلك أن أمها كانت قد ماتت ولم يكن في الغنم شاة ولدت غيرها ثم أتى أمه فسألها عن أبيه ماخبرته أنها كانت تحت ملك كثير المال وكان لا يولد له، قالت فخفت أن يموت ولا ولد له فيذهب الملك فأمكنت نفسي ابن عم له كان نازلاً عليه فخرج الأفعي إليهم فقص القوم عليه قصتهم واخبروه بما أوصى به أبوهم فقال ما أشبه القبة الحمراء من مال فهو لمضر فذهب بالدنانير والإبل الحمر فسمي مضر الحمراء لذلك. وقال وأما صاحب الفرس الأدهم والخباء الأسود فله كل شيء أسود فصارت لربيعة الخيل الدهم فقيل ربيعة الفرس. وما أشبه الخادم الشمطاء فهو لأياد فصار له الماشية البلق من الحبلق والنقد فسمي أياد الشمطاء وقضى لأنمار بالدراهم وبما فضل فسمي أنمار الفضل. فصدروا من عنده على ذلك فقال الأفعي أن العصا من العصية وإن خشينا من أخشن ومساعدة الخاطل تعد من الباطل فأرسلهن مثلاً. وخشين وأخشن جبلان أحدهما اصغر من الآخر والخاطل الجاهل والخطل في الكلام اضطرابه والعصية تصغير تكبير مثل أنا عذيقها المرجب وجذيلها المحكك والمراد أنهم يشبهون أباهم في جودة الرأي. وقيل أن العصا اسم فرس والعصية اسم أمه يراد أنه يحكي الأم في كرم العرق وشرف العتق.

إن الهوان للئيم مرأمة

المرأمة الرئمان وهما الرأفة والعطف يعني إذا أكرمت اللئيم استخف بك وإذا أهنته فكأنك أكرمته كما قال أبو الطيب:
إذا أنت أكرمت الكـريم مـلـكـتـهوإن أنت أكرمـت الـلـئيم تـمـردا
ووضع الندى في موضع السيف بالعلامضر كوضع السيف في موضع الندى
إن بـنـي صـبـية صــيفـــيونأفـلـح مـن كـان لـه ربـعـيون
يضرب في التندم على ما فات. يقال أصاف الرجل إذا ولد له على كبر سنه، وولده صيفيون. وأربع الرجل إذا ولد له في فتاء سنه وولده ربعيون.
وأصلهما مستعار من نتاج الإبل وذلك أن ربعية النتاج أولاه وصيفيته أخراه فاستعير لأولاد الرجل. يقال أول من قال ذلك سعد بن مالك بن ضبيعة وذلك أنه ولد له على كبر السن فنظر إلى أولاد أخويه عمرو وعوف وهم رجال فقال البيتين وقيل بل قاله معاوية ابن قشير وبتقدمهما قوله:
لبث قليلاً يلحـق الـداريونأهل الجباب البدن المكفيون
سوف ترى أن لحقوا ما يبلونأن بني صبـية صـيفـيون
وكان قد غزا اليمن بولده فقتلوا ونجا وانصرف ولم يبق من أولاده إلا الأصاغر فبعث أخوه سلمة الخير أولاده إليه فقال لهم اجلسوا إلى عمكم وحدثوه ليسلو فنظر معاوية إليهم وهم كبار وأولاده صغار فساءه ذلك وكان عيونا فردهم إلى أبيهم مخافة عينه عليهم وقال هذه الأبيات. وحكى أبو عبيد أنه تمثل به سليمان بن عبد الملك عند موته وكان أراد أن يجعل الخلافة في ولده فلم يكن له يومئذ منهم من يصلح لذلك إلا من كان من أولاد الإماء وكانوا لا يعقدون إلا لأبناء المهائر. قال الجاحظ: كان بنو أمية يرون أن ذهاب ملكهم يكون على يد ابن أم ولد ولذلك قال شاعرهم:
ألم تر للخلافة كيف ضاعتبأن جعلت لأبنـاء الإمـاء

إن سوادها قوم لي عنادها

السواد السرار وأصله من السواد الذي هو الشخص وذلك أن السرار لا يحصل إلا بقرب السواد من السواد وقيل لإبنة الخس وكانت قد فجرت ما حملك على ما فعلت? قالت: قرب الوساد وطول السواد وزاد فيه بعض المجان وحب السفاد.

إن السلامة منها ترك ما فيها

قيل أن المثل في أمر اللقطة توجد وقيل: إنه في ذم الدنيا والحث على تركها وهذا في بيت أوله:

إن المقدرة تذهب الحفيظة

المقدَرة والمقدِرة القدْرة والحفيظة الغضب. قال أبو عبيد: بلغنا هذا المثل عن رجل عظيم من قريش في سالف الدهر كان يطلب رجلاً بذحل فلما ظفر به قال: لولا أن المقدرة تذهب الحفيظة لانتقمت منك ثم تركه.

إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب

هذا من كلام عمران بن حصين. والمعاريض جمع المعراض يقال عرفت ذلك في معراض كلامه أي في فحواه قلت أجود من هذا أن يقال التعريض ضد التصريح وهو أن يلغز كلامه عن الظاهر فكلامه معرض والمعاريض جمعه ثم لك أن تثبت الياء وتحذفها والمندوحة السعة وكذلك الندحة يقال إن في كذا ندحة أي سعة وفسحة. يضرب لمن يحسب أنه مضطر إلى الكذب.

إن من لا يعرف الوحي أحمق

ويروى الوحي مكان الوحي يضرب لمن لا يعرف الإيماء والتعريض حتى يجاهر بما يراد إليه.

إن خصلتين خيرهما الكذب لخصلتا سوء

يضرب للرجل يعتذر من شيء فعله بالكذب يحكى هذا المثل عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى وهذا كقولهم عذره أشد من جرمه.

الاثنين، 20 فبراير 2017

إن عليك جرشاً فتعشه

يقال مضى جرش من الليل وجوش أي هزيع قلت وقوله فتعشه يجوز أن تكون الهاء للسكت مثل قوله تعالى: لم يتسنه. في أحد القولين ويجوز أن تكون عائدة إلى الجرش على تقدير فتعش فيه ثم حذف في وأوصل الفعل إليه كقول الشاعر:
ويوم شهدناه سليمـاً وعـامـراًقليل سوى الطعن الدراك نوافله
أي شهدنا فيه يضرب لمن يؤمر بالاتئاد والرفق في أمر يبادره فيقال له إنه لم يفتك وعليك ليل بعد فلا تعجل. قال أبو الدقيش: أن الناس كانوا يأكلون النسناس وهو خلق لكل منهم يد ورجل فرعى اثنان منهم ليلاً فقال أحدهما لصاحبه فضحك الصبح فقال الآخر إن عليك جرشاً فتعشه قال وبلغني أن قوماً تبعوا أحد النسناس فأخذوه فقال للذين أخذاه:
يا رب يوم لو تبعتمانيلمتما أو لتركتمانـي
فأدرك فذبح في أصل شجرة فإذا في بطنه شحم فقال آخر من الشجرة إنه آكل ضر ويعني الحبة الخضراء فاستنزل فذبح فقال الثالث فأنا إذن صميميت فاستنزل فذبح.

إن وراء الأكمة ما وراءها

أصله أن أمة واعدت صديقها أن تأتيه وراء الأكمة إذا فرغت من مهنة أهليها ليلاً فشغلوها عن الإنجاز بما يأمرونها من العمل فقالت حين غلبها الشوق حبستموني وإن وراء الأكمة ما وراءها يضرب لمن يفشي على نفسه أمراً مستوراً.

إن الدواهي في الآفات تهترس

ويروى ترتهس وهو قلب تهترس من الهرس وهو الدق يعني أن الآفات يموج بعضها في بعض ويدق بعضها بعضاً كثرة يضرب عند اشتداد الزمان واضطراب الفتن واصلة أن رجلاً مر بآخر وهو يقول يا رب إما مهرة أو مهراً فأنكر عليه ذلك وقال لا يكون الجنين إلا مهرة أو مهراً فلما ظهر الجنين كان مشيأ الخلق مختلفه فقال الرجل عند ذلك:

إن الخصاص يرى في جوفها الرقم

الخصاص الفرجة الصغيرة بين الشيئين، والرقم الداهية العظيمة. يعني أن الشيء الحقير يكون فيه الشيء العظيم.

إن المعاذير يشوبها الكذب

يقال، معذرة ومعاذر ومعاذير. يحكى أن رجلاً اعتذر إلى إبراهيم النخعي فقال إبراهيم: قد عذرتك غير معتذر إن المعاذير المثل.

إن الشفيق بسوء ظن مولع

يضرب للمعنى بشأن صاحبه لأنه لا يكاد يظن به غير وقوع الحوادث كنحو ظنون الوالدات بالأولاد.

إن الجواد قد يعثر

يضرب لمن يكون الغالب عليه فعل الجميل ثم تكون منه الزلة.

إن الهوى ليميل باست الراكب

أي من هوي شيئاً مال به هواه نحوه كائناً ما كان، قبيحاً كان أو جميلاً كما قيل: إلى حيث يهوي القلب تهوي به الرجل.

إن لله جنوداً منها العسل

قاله معاوية لما سمع أن الأشتر سقي عسلاً فيه سم فمات يضرب عند الشماتة بما يصيب العدو.

الأحد، 19 فبراير 2017

إن الحديد بالحديد يفلح

الفلح الشق ومنه الفلاح للحراث لأنه يشق الأرض. أي يستعان في الأمر الشديد بما يشاكله ويقاويه.
إن الحماة أولعت بالكنهوأولعت كنتها بالظنة
الحماة أم زوج المرأة والكنة امرأة الابن وامرأة الأخ أيضاً والظنة التهمة وبين الحماة والكنة عداوة مستحكمة يضرب في الشر يقع بين قوم هم أهل لذلك.

إن في الشر خياراً

الخير يجمع على الخيار والاختيار وكذلك الشر يجمع على الشرار والأشرار أي أن في الشر أشياء خياراً. ومعنى المثل كما قيل بعض الشر أهون من بعض. ويجوز أن يكون الخيار الاسم من الاختيار أي في الشر ما يختار على غيره.

إن المعافي غير مخدوع

يضرب لمن يخدع فلا ينخدع. والمعنى أن من عوفي مما خدع به لم يضره ما كان خودع به. واصل المثل أن رجلاً من بني سليم يسمى قادحاً كان في زمن أمير يكنى أبا مظعون وكان في ذلك الزمن رجل آخر من بني سليم أيضاً يقال له سليط وكان علق امرأة قادح فلم يزل بها حتى أجابته وواعدته فأتنى سليط قادحاً وقال إني علقت جارية لأبي مظعون وقد واعدتني فإذا دخلت عليه فاقعد معه في المجلس فإذا أراد القيام فاسبقه فإذا انتهيت إلى موضع كذا فاصفر حتى أعلم بمجيئكما فآخذ حذري ولك كل يوم دينار فخدعه بهذا وكان أبو مظعون آخر الناس قياماً من النادي ففعل قادح ذلك وكان سليط يختلف إلى امرأته، فجرى ذكر النساء يوماً فذكر أبو مظعون جواريه وعفافهن فقال قادح وهو يعرض بأبي مظعون ربما غر الواثق وخدع الوامق وكذب الناطق وملت العاتق ثم قال:
لا تنـطـقـن بـأمـر لا تـيقـنه يا عمرو إن المعافي غير مخدوع
وعمرو اسم أبي مظعون، فعلم عمرو إنه يعرض به فلما تفرق القوم وثب على قادح فخنقه وقال اصدقني فحدثه قادح بالحديث فعرف أبو مظعون أن سليطاً قد خدعه فأخذ عمرو بيد قادح ثم مر به على جواريه فإذا هن مقبلات على ما وكلن به لم يفقد منهن واحدة ثم انطلق آخذاً بيد قادح إلى منزله فوجد سليطاً قد افترش امرأته فقال له أبو مظعون إن المعافي غير مخدوع تهكماً بقادح فأخذ قادح السيف وشد على سليط فهرب فلم يدركه ومال إلى امرأته فقتلها.

إن الجبان حتفه من فوقه

الحتف الهلاك ولا يبنى منه فعل وخص هذه الجهة لأن التحرز مما ينزل من السماء غير ممكن. يشير إلى أن الحتف إلى الجبان أسرع منه إلى الشجاع لأنه يأتيه من حيث لا مدفع له. قال ابن الكلبي: أول من قاله عمرو بن أمامة في شعر له وكانت مراد قتلته فقال هذا الشعر عند ذلك وهو قوله:
لقد حسوت الموت قبل ذوقهإن الجبان حتفه من فوقـه
كل امرئ مقاتل عن طوقهوالثور يحمي أنفه بروقـه
يضرب في قلة نفع الحذر من القدر. وقوله حسوت الموت قبل ذوقه الذوق مقدمة الحسو فهو يقول قد وطنت نفسي على الموت فكأني بتوطين القلب عليه كمن لقيه صراحاً.

إن دواء الشق أن تحوصه

الحوص الخياطة يضرب في رتق الفتق وإطفاء النائرة.

إن البغاث بأرضنا يستنسر

البغاث ضرب من الطير وفيه ثلاث لغات الفتح والضم والكسر والجمع بغثان، قالوا هو طير دون الرخمة واستنسر صار كالنسر في القوة عند الصيد بعد أن كان من ضعاف الطير يضرب للضعيف يصير قوياً وللذليل يعز بعد الذل.

إن الرثيئة تفثأ الغضب

الرثيئة اللبن الحامض يخلط بالحلو. والفثء التسكين. زعموا أن رجلاً نزل بقوم وكان ساخطاً عليهم وكان مع سخطه جائعاً فسقوه الرثيئة فسكن غضبه يضرب في الهدية تورث الوفاق وإن قلت.