السبت، 29 أبريل 2017

التجارب ليست لها نهاية والمرء منها في زيادة

قال عمر رضي الله عنه: يحتلم الغلام لا ربع عشرة، وينتهي طوله لإحدى وعشرين، وعقله لسبع وعشرين، إلا التجارب. فجعل التجارب لا غاية لها ولا نهاية

تلبس أذنيك على مضاض

المضاض والمضاضة، ألم وحرقة يجدها الرجل في جوفه من غيظ يتجرعه. يضرب للرجل الحليم يسكت عن الجاهل ويحتمل إذاه.

تقئ يوماً بين شدقيك الدخن

يقال: دخن الطعام يدخن دخناً، إذا فسد وخبث على فم المعدة، ولا دواء له إلا القيء. يضرب لمن يفعل أفعالاً سيئة ويسلم منها. فيقال: ستندم وسترى عاقبة ما تصنع.

تركت عوفاً في مغاني الأصرم

يقال للذئب والغراب الأصرمان. يقول: تركته في منازل لا أنيس بها، ولا يسكنها إلا الذئب أو الغراب. يضرب لمن يخذل صاحبه في حادث ألمّ به

تلبيد خير من التصييء

التلبيد، أن يلزق شعر رأسه بصمغ يجعله عليه لئلا يتشعث. والتصيء، أن يثور الرأس ليغسله ثم لا ينقي وسخه. يقال: لبدت الشعر فتلبد، وصيأته فتصيأ. يقول: لأن تتركه متلبداً خير من أن تتركه متصيأ. يضرب لمن قام بأمر لا يقدر على إتمامه

تأتي بك الضامة عريس الأسد

الضامة، تثقل وتخفف، من الضمّ والضيم. فإذا ثقلت فالمعنى الحاجة الضامة التي تضمك وتلجئك. والضامة جمع ضائم، يعني الظلمة، أي ظلم الظلمة يحوجك إلى أن توقع نفسك في الهلكة. يضرب في الاعتذار من ركوب الغرر.

تذريع حطان لنا إنذار

التذريع، أن يصفر بالزعفران أو الخلوق ذراع الأسير، علامة منهم على قتله. وكانوا يفعلونه في الجاهلية. وحطان، اسم رجل. يضرب لمن كلم في أمر فأظهر البشاشة وأحسن الجواب، وهو يضمر خلافه.

تحت جلد الضأن قلب الأذؤب

يقال: ذئب وذؤب وذؤبان. وضائن، في الواحد، وضأن وضئنين، في الجمع. مصل ماعز ومعز ومعيز. يضرب لمن ينافق ويخادع الناس.

تهويد على ريودٍ

التهويد، السكون والنوم. والربود، جمع ريد وهو الحرف الناتئ من الجبل، ومن سكن فيه كان على غير طمأنينة. يضرب لمن شرع في أمر وخيم العاقبة.

تذكرت رياً صبياً فبكت

ريا، اسم امرأة أسنت فخرفت، فتذكرت ولداً لها مات فأسفت وبكت. يضرب لمن حزن على أمر لا مطمع في إدراكه لبعد العهد به.

تغمر كان وليس رياً

التغمر، الشرب القليل. وهو من الغمر، وهو القدح الصغير. يضرب لمن تقلد أمراً ثم لم يبالغ في إتمامه.

تصامم الحر إذا سن القذع

حقه أن يقال: تصام. لكنه فك الإدغام ضرورة. والسنّ، الصبّ. يقال: سن الماء على وجهه. والقذع، الخنا والفحش. يضرب للحليم لا يرعي سمعه لما يقبح.

تحللت عقده

يضرب للغضبان يسكن غضبه.

تقلدها طوق الحمامة

الهاء، كناية عن الخصلة القبيحة. أي تقلدها تقلد طوق الحمامة. أي لا تزايله ولا تفارقه حتى يفارق طوق الحمامة الحمامة

تغافل كأنك واسطي

قال المبرد: أصله أن الحجاج كان يسخر أهل واسط في البناء، فكانوا يهربون وينامون وسط الغرباء في المسجد فيجيء الشرطي ويقول: يا واسطيّ. فمن رفع رأسه أخذه وحمله. فلذلك كانوا يتغافلون.

تضرع إلى الطبيب قبل أن تمرض

أي، افتقد الإخوان قبل الحاجة إليهم. قاله لقمان لابنه.

تناس مساوئ الإخوان يدم لك ودهم

يضرب في استبقاء الإخوان.

اتق شر من أحسنت إليه

هذا قريب من قولهم: سمن كلبك يأكلك.

أتبع السيئة الحسنة تمحها

قال أبو نواس:
خير هذا بشـر ذافإذا الرب قد عفا
يضرب في الإنابة بعد الإجترام.

اتخذ الباطل دخلاً

الدخل والدخل والدغل العيب والريبة. يضرب للماكر الخادع.

تخطى إلي شبيثاً والأحص

شبيث، ماء لبني الأضبط ببطن الجريب في موضع يقال له دارة شبيث. والأحص، موضع هناك أيضاً. وهذا المثل من قول جساس بن مرة قاله لكليب وائل حين طعنه فقال كليب: أغثني بشربة ماء. فقال: جاس تجاوزت شبيثاً والأحص يعني ليس حين طلب الماء. يضرب لمن يطلب شيئاً في غير وقته.

تركته على مثل مشفر الأسد

يضرب لمن تركته عرضة للهلاك.

تركته على مثل شراك النعل

أي، في ضيق حال.

تركته على مثل خد الفرس

أي، تركته على طريق واضح مستوٍ.

تحوفي النضيج من حول النيء

قال يونس: قيل لرجل منا أحبن بطنك? أيْ، أيّ شيء عظم بطنك? أي يعني سمنه. قال: تحوفي النضيج ... المثل. والتحوف، أخذ الشيء من حافاته. يضرب لمن يعمل الفكر فيما يستقبله. وهذا لمن يحسن النظر في استصلاح حاله حتى يرى حسن الحال أبداً.

الخميس، 27 أبريل 2017

تمسك بحردك حتى تدرك حقك

يقال: حرد حرداً، ساكنة الراء، والقياس تحريكها وينشد:
إذا جياد الخيل جاءت ترديمملوءة من غضب وحرد
وقال ابن السكيت: وقد تحرك. ويقال: رجل حارد، وحرد، وحردان. أي غضبان. أي دم على غيظك حتى تثأر.

تركتهم كمقص قرن

أي، استأصلتهم. وذلك أن أحد القرنين إذا تم وقطع الآخر رأيته قبيحاً. قال الشاعر:
فأضحت دارهم كمقص قرنفلا عين نحسـن ولا أثـار
أي، لا ترى أثراً ولا عيناً. وقال الأصمعي: القرن، جبل مطل على عرفات. وأنشد: وأصبح عهده كمقص قرن ... قال الأزهري: يروي مقص قرن، ومقط قرن. والقرن إذا قص أو قط بقي ذلك الموضع أملس نقياً، لا أثر فيه. يضرب لمن يستأصل لمن يستأصل ويصطلم.

ترى من لا حريم له يهون

يضرب لمن لا ناصر له عند ظلمه.

تحسبه جاداً وهو مازح

يضرب لمن يتهدد وليس وراءه ما يحققه.

ترافدوا ترافد الحمر بأبوالها

وذلك إذا تواطأ القوم على ما تكرهه.

تركته صريم سحر

الصريم، بمعنى المصروم. والسحر، الرئة. أي تركته وقد يئست منه.

تشتهي وتشتكي

أي، تحب أن تأخذ، وتكره أن يؤخذ منك.

تردد في إست مارية الهموم فما تدري أتظعن أم تقيم

يضرب لمن يعيا بأمره.

تركته على مثل عضرط العير

عضرط العير، عجانه. يضرب لمن لم يدع له شيئاً.

تركت دارهم حوثاً بوثاً

أي، اثيرت بحوافر الدواب وخربت. يقال: تركهم حوثاً بوثاً، وحوث بوث، وحيث بيث، وحاث باث، إذا فرقهم وبددهم.
توطن الإبل وتعاف المعزى أي، أن الإبل توطن نفسها على المكاره لقوتها، وتعافها المعزى لذلها وضعفها. يضرب للقوم تصيبهم المكاره فيوطنون أنفسهم عليها ويعافها جبناؤهم.

تخطيت سنة مقيماً

ويروى تخاطأت. يضرب لمن أقام فسلم ولو سار لهلك. وذلك أن رجلاً أجدب وأقام، وخرج قومه منتجعين، فهزلوا، وبقي هو في وطنه، فأعشب واديه، وأخصب.

تقطع أعناق الرجال المطامع

يضرب في ذم الطمع والجشع. قال أبو عبيد: وفي بعض الحديث أن الصفاة الزلاء التي لا تثبت عليها أقدام العلماء الطمع.

التثبت نصف العفو

دعا قتيبة بن مسلم برجل ليعاقبه فقال: أيها الأمير التثبت نصف العفو. فعفا عنه، وذهبت كلمته مثلاً.

تزبدها حذاء

الحذاء، اليمين المنكرة. والهاء في تزبدها راجعة إليها. وتزبد، أي ابتلع ابتلاع الزبد. وهذا كقولهم: حذها حذا البعير الصليانة. وينشد:
تزبدها حذاء يعلم أنـه هـوالكاذب الآتي الأمور البجاريا


تقيل الرجل أباه

إذا أشبهه. قال ابن فارس: اللام مبدلة من الضاد، يعني من قولهم: تقيض من القيض وهو العوض. ويكون مصدراً أيضاً. يقال: قاضه يقيضه قيضاً، كما يقال: عاضه يعوضه عوضاً، ومنه المقايضة بمعنى المبادلة. يقال: هما قيضان، أي مثلان. يعني أن كل واحد منهما عوض من الآخر. يضرب في الشيئين تقاربا في الشبه

تجمعين خلابة وصدوداً

يضرب لمن يجمع بين خصلتي شر. قالوا: هو من قول جرير بن عطية. وذلك أن الحجاج بن يوسف أراد قتله، فمشت إليه مضر. فقالوا: أصلح الله الأمير لسان مضر وشاعرها هبه لنا. فوهبه لهم. وكانت هند بنت أسماء بن خارجة ممن طلب فيه فقالت للحجاج: ائذن لي فأسمع من قوله. قال: نعم. فأمر بمجلس له وجلس فيه هو وهند ثم بعث إلى جرير فدخل وهو لا يعلم بمكان الحجاج. فقال: يا ابن الخطفي أنشدني قولك في التشبيب. قال: والله ما شببت بامرأة قط، وما خلق الله شيئاً أبغض إلي من النساء، ولكني أقول في المديح ما بلغك، فإن شئت أسمعتك. قالت: يا عدو نفسه. فأين قولك?
يجري السواك على أغر كأنهبرد تحدر من متون غـمـام
طرقتك صائدة القلوب وليس ذاوقت الزيارة فارجعي بسلام
لو كنت صادقة الذي حدثتـنـالوصلت ذاك فكان غير رمام
قال جرير: لا والله ما قلت هذا ولكني أقول:
لقـد جـرد الـحـجـاج بــالـــحـــق ســـيفـــهألا فـاسـتـــقـــيمـــوا لا يمـــيلـــن مـــائل
ولا يستوي داعي الضلالة والهدى ولا حجة الخصمين حق وباطل
فقالت هند: دع ذا عنك فأين قولك?
خليلي لا تستشعرا النـوم أنـنـيأعيذكما بالله أن تـجـدا وجـدي
ظمئت إلى برد الشراب وغرنـيجداً مزنة يرجى جداها وما تجدي
قال جرير: بل أنا الذي أقول:
من يأمن الحجاج أما عقابـهفمر وأما عقـده فـوثـيق
لحقتك حتى أنزلتني مخافتـيوقد كان من دوني عماية نيق
يسر لك البغضاء كل منافـقكما كل ذي دين عليك شفيق
قالت: دع ذا عنك ولكن هات قولك:
يا عاذلي دعا الملامة واقصـراطال الهوى وأطلتما التفـنـيدا
إني وجدتـك لـو أردت زيادةفي الحب مني ما وجدت مزيدا
أخلبتنا وصـددت أم مـحـمـدأفتجمعـين خـلابة وصـدودا
لا يستطيع أخو الصبابة أن يرىحجراً أصم وإن يكون حـديدا


تهييف بطن شين الدريس

التهييف، التضمير. يقال: رجل أهيف إذا كان ضامر البطن وذلك محمود. والتشيين تفعيل من الشين وهو العيب. والدريس، الثوب الخلقي. وقوله: شين، يريد شينه، فحذف المفعول. يضرب لمن له فضل وبراعة يسترهما سوء حاله.

تغفرت أروى وسيماها البدن

تغفرت، أي تشبهت بالغفر، وهو ولد الأروية. والبدن، المسن من الوعول. أي منظرها منظر الوعول المسانّ وهي تظهر إنها غفر حدث.

تسألني أم الخيار جملاً يمشي رويداً ويكون أولا

يضرب في طلب ما يتعذر.

أترب فندح

الأتراب، الاستغناء حتى يصير ماله مثل التراب كثرة. وندح يندح ندحاً، إذا وسع. يضرب لمن غني فوسع عليه عيشه وبذر ماله مسرفاً.

تركنا البلاد تحدث

هذا يجوز أن يراد به الخصب، وكثرة أصوات الذئاب. ويجوز أن يراد به القفار التي لا أنيس بها، ولا يسكنها غير الجن. كقول ذي الرمة:
للجن بالليل في حافاتها زجلكما تجاوب يوم الريح عيشوم

تركت جراداً كأنه نعامة جاثمة

جراد، موضع. أراد كثرة عشبه وإعتام نبته.

اتق الله في جنب أخيك ولا تقدح في ساقه

أي، لا تقلته ولا تغتبه. يقال قدح في ساقه إذا عابه. وقوله: في جنب أخيك. أراد في أمر أخيك. ومنه قوله تعالى: "ما فرطت في جنب الله". أي أمره. وقال ابن عرفة: أي فيما تركت في أمر الله. يقال ما فعلت في جنب حاجتي. قال كثير:  
ألا تتقين الله في جنب عاشق له كبد حرى عليك تقطـع

وقال الفراء: في جنب الله. أي، في قربه وجواره. قال الشاعر:
خليلي كفا واذكرا الله في جنبي
أي في أمري بأن تدعا الوقيعة فيّ.

تبع ضلة

ويروى، صلة بالصاد غير المعجمة. فالتبع، الذي يتبع النساء. والضلة، الذي لا خير فيه، فهو لا يهتدي إلى غير الشر. ومن روى بالصاد جعله كالحية الصل، وأراد به الدهاء، كما يقال صل أصلال، وأدخل الهاء مبالغة. ومن روى بالضاد المعجمة فإنما كسر الضاج إتباعاً لقوله تبع.

تعلق الحجن بأرفاغ العنس

الحجن، تخفيف الحجن، وهو الصبي السيء الغذاء. يقال حجن حجناً ويراد به القراد ههنا. وأرفاغ العنس، بواطن فخذيها وأصولهما. يضرب لمن يلصق بك حتى ينال بغيته. ونصب تعلق على المصدر، أي، تعلق بي تعلق ... والعنس، الناقة الصلبة.

الثلاثاء، 25 أبريل 2017

تيسي جعار

قال الليث: إذا استكذبت العرب الرجل تقول تيسي جعار، أي كذبت. ولم يعرف أصل هذه الكلمة. قال: والتيس، جبل باليمن. ويقال: فلان يتكلم بالتيسية. أي بكلام أهل ذلك الجبل.

تركته محرنبئاً لنباق

الأحرنباء، الأزبئرار. ويقال: المحرنبيء، المضمر لداهية في نفسه. والأنبياق، الهجوم على الشيء. أي تركته يضمر داهية لينفتق عليهم بشر.

تبدد بلحمك الطير

يقال هذا عند الدعاء على الإنسان. وقال رجل لامرأته:
أزحنة عني تطردين تبـددتبلحمك طير طرن كل مطير


ترك ما يسوءه وينوءه

إذا ترك للورثة ماله، قيل: كان المحبوبي ذا يسار، فلما حضرته الوفاة أراد أن يوصي فقيل له: ما نكتب? فقال: اكتبوا ترك فلان، يعني نفسه، ما يسوءه وينوءه مالاً يأكله ورثته ويبقي عليه وزره.

تكلم فجمع بين الأروى والنعام

إذا تكلم بكلمتين مختلفتين. لأن الأروى تسكن شعف الجبال، وهي شاء الوحش. والنعام تسكن الفيافي فلا يجتمعان.

تركته يتقمع

القمع، الذباب الأزرق العظيم، ومعنى يتقمع، يذب الذباب من فراغه كما يتقمع الحمار، وهو أن يحرك رأسه ليذهب الذباب. قال أوس بن حجر:
ألم تر أن اللـه أنـزل مـزنةوعفر الظباء في الكناس تقمع

تخرج المقدحة ما في قعر البرمة

هذا مثل تبتذله العامة وقد أورده أبو عمرو في كتابه.

التجلد ولا التبلد

يعني، أن التجلد ينجيك من الأمر لا التبلد. ونصب التجلد على معنى الزم التجلد ولا تلزم التبلد. ويجوز الرفع على تقدير حقك أو شأنك التجلد. وهذا من قول أوس بن حارثة قاله لابنه مالك فقال يا مالك التجلد ولا التبلد، والمنية ولا الدنية.

التقي ملجم

أي، كان له لجاماً بمنعه من العدول عن سنن الحق قولاً وفعلاً. وهذا من كلام عمر بن عبد العزيز رحمه الله.

تعلل بيديه تعلل البكر

وذلك أنه إذا شد بعقال تعلل به ليحله بفمه. يضرب لمن يتعلل بما لا متعلل بمثله.

تغد بالجدي قبل أن يتعشى بك

يضرب في أخد الأمر بالحزم.

تهوي الدواهي حوله ويسلم

يضرب لمن يتخلص من مكروه.

ترهيا القوم

قال الأصمعي: وذلك أن يضطرب عليهم الرأي فيقولون مرة كذا ومرة كذا. ويروى قد ترهيأ.

تعست العجلة

أول من قال هذا فند، مولى عائشة بنت سعد بن أبي وقاص، وكان أحد المغنين المجيدين، وكان يجمع بين الرجال والنساء. وله يقول ابن قيس الرقيات:
قل لفند يشيع الأظعانـاطالما سر عيشنا وكفانا
وكانت عائشة أرسلته يأتيها بنار، فوجد قوماً يخرجون إلى مصر، فخرج معهم، فأقام بها سنة. ثم قدم فأخذا ناراً وجاء يعدو فعثر وتبدد الجمر. فقال: تعست العجلة. وفيه يقول الشاعر:
ما رأينا لغراب مـثـلاًإذ بعثناه يجي بالمشملـه
غير فند أرسلوه قابـسـافثوى حولاً وسب العجلة
المشلمة، كساء تجمع فيه المقدحة بآلاتها. وقال بعضهم: الرواية المشملة، بفتح الميم، وهي مهب الشمال، يعني الجانب الذي بعث نوح عليه السلام الغراب غليه ليأتيه بخبر الأرض أجفت أم لا.

ترى الفتيان كالنخل وما يدريك ما الدخل

الدخل، العيب الباطن. يضرب لذي المنظر لا خير عنده. قال المفضل: أول من قال ذلك عقمة بنت مطرود البجيلية. وكانت ذات عقل ورأي مستمع في قومها، وكانت لها أخت يقال لها خود، وكانت ذات جمال وميسم وعقل. وأن سبعة إخوة غلمة من بطن الأزد خطبوا خوداً إلى أبيها فأتوه وعليهم الحلل اليمانية وتحتهم النجائب الفره فقالوا: نحن بنو مالك بن غفيلة ذي النحيين. فقال لهم: انزلوا على الماء. فنزلوا ليلتهم، ثم أصبحوا غادين في الحلل والهيأة ومعهم ربيبة لهم يقال لها الشعثاء كاهنة فمروا بوصيدها يتعرضون لها، وكلهم وسيم جميل، وخرج أبوها فجلسوا إليه فرحب بهم فقالوا: بلغنا أن لك بنتاً ونحن كما ترى شباب، وكلنا يمنع الجانب، ويمنح الراغب. فقال أبوها: كلكم خيار فأقيموا نرى رأينا. ثم دخل على إبنته فقال: ما ترين? فقد أتاك هؤلاء القوم. فقالت: أنكحني على قدري، ولا تشطط في مهري، فإن تخطئني أحلامهم. لا تخطئني أجسامهم، لعلي أصيب ولداً، وأكثر عدداً. فخرج أبوها فقال: أخبروني عن أفضلكم. قالت ربيبتهم الشعثاء الكاهنة: اسمع أخبرك عنهم. هم أخوة وكلهم أسوة. أما الكبير فمالك جريء فاتك، يتعب السنابك، ويستصغر المهالك. وأما الذي يليه فالغمر بحر غمر يقصر دونه الفخر، نهد صقر. وأما الذي يليه فعلقمة، صليب المعجمة، منيع المشتمة، قيل الجمجمة. وأما الذي يليه فعاصم، سيد ناعم، جلد صارم، أبي حازم، جيشه غانم، وجاره سالم. وأما الذي يليه فثواب سريع الجواب، عتيد الصواب، كريم النصاب كليث الغاب. وأما الذي يليه فمدرك بذول لما يملك، عزوب عما يترك، يفني ويهلك. وأما الذي يليه فجندل، لقرنه مجدل، مقل لما يحمل، يعطي ويبذل، وعن عدوه لا ينكل. فشاورت أختها فيهم. فقالت أختها عثمة: ترى الفتيان كالنخل ومتا يدريك ما الدخل. اسمعي مني كلمة أن شر الغريبة يعلن، وخيرها يدفن. أنكحي في قومك ولا تغررك الأجسام. فلم تقبل منها وبعثت إلى أبيها أنكحني مدركاً. فأنكحها أبوها على مائة ناقة ورعاتها وحملها مدرك فلم تلبث عنده إلا قليلاً حتى صبحهم فوارس من بني مالك بن كنانة فاقتتلوا ساعة ثم أن زوجها وأخوته وبني عامر انكشفوا فسبوها فيمن سبوا، فبينا هي تسير بكت. فقالوا ما يبكيك? أعلى فراق زوجك. قالت: قبحه الله. قالوا: لقد كان جميلاً. قالت: قبح الله جمالاً لا نفع معه. إنما أبكي على عصياني أختي وقولها: ترى الفتيان كالنخل وما يدريك ما الدخل. وأخبرتهم كيف خطبوها. فقال لها رجل منهم، يكنى أبا نواس ششاب أسود أفوه مضطرب الخلق: أترضين بي على أن أمنعك من ذئاب العرب? فقالت لأصحابه: أكذلك هو? قالوا: نعم. إنه مع ما ترين ليمنع الحليلة، وتنقية القبيلة. قالت: هذا أجمل جمال وأكمل كمال، قد رضيت به. فزوجوها منه.

اترك الشر يتركك

أي، إنما يصيب الشر من تعرض له. زعموا أن لقمان الحكيم قال لابنه: اترك الركما يتركك. أراد كيما يترك، فحذف الياء وأعملها

تلمس أعشاشك

يضرب لمن يلتمس التجني والعلل. ومعناه تلمس التجني والعلل في ذويك.

التمر بالسويق

مثل حكاه أبو الحسن اللحياني. يضرب في المكافأة.

التمر في البئر وعلى ظهر الجمل

أصل ذلك أن منادياً، فيما زعموا، كان في الجاهلية يقوم على أطم من آطام المدينة، حين يدرك البسر، فينادي التمر في البئر. أي من سقى وجد عاقبة سقيه في تمره. وهذا قريب من قولهم: عند الصباح يحمد القوم السرى.

التمرة إلى التمرة تمر

هذا من قول أحيحة بن الجلال. وذلك أنه دخل حائطاً له فرأى التمرة ساقطة فتناولها فعوتب في ذلك فقال هذا القول. والتقدير التمرة مضمومة إلى التمرة تمر. يريد أن ضم الآحاد يؤدي الجمع، وذلك أن التمر جنس يدل على الكثرة. يضرب في استصلاح المال.

التجرد لغير النكاح مثلة

قالته رقاش بنت عمرو لزوجها حين قال لها: اخلعي درعك لأنظر إليك. وهي التي قالت أيضاً: أخلع الدرع بيد الزوج. فأرسلتها مثلين يضربان في الأمر بوضع الشيء موضعه

التقدم قبل التندم

هذا مثل قولهم: المحاجزة قبل المناجزة. يضرب في لقائك من لا قوام لك به. أي تقدم إلى ما في ضميرك قبل تندمك. وقال الذي قتل محمد ابن طلحة بن عبيد الله يوم الجمل:
وأشعـث قـوام بـآيات ربـه:قليل الأذى فيما ترى العين مسلم
يذكرني حاميم والرمح شـاجـرفهلا تلا حاميم قبل الـتـنـدم

تطأطأ لها تخطئك

الهاء، للحادثة. يقولك أخفض رأسك لها تجاوزك. وهذا كقولهم: دع الشر يعبر. يضرب في ترك التعرض للشر.

الاثنين، 24 أبريل 2017

تحمل عضة جناها

أصل ذلك إن رجلاً كانت له امرأة وكانت لها ضرة فعمدت الضرة إلى قدحين مشتبهين فجعلت في أحدهما سويقاً وفي الآخر سماً ووضعت قدح السويق عند رأسها والقدح المسموم عند رأس ضرتها لتشربه. ففطنت الضرة لذلك، فلما نامت حولت القدح المسموم إليها ورفعت قدح السويق إلى نفسها فلما جناها. الجنى، الحمل. والعضة، واحدة العضاة وهي الأشجار ذوات الشوك. يعني أن كل شجرة تحمل ثمرتها. وهذا مثل قولهم: من حفر مهواة وقع فيها.

تلك أرض لا تقض بضعتها

ويروى لا تنعفر بضعتها. أي لكثرة عشبها لو وقعت بضعة لحم على الأرض لم يصبها قضض، وهي الحصى الصغار. يضرب للجناب المخصب.

تركته جوف حمار

قال الأصمعي: معناه لا خير فيه، ولا شيء ينتفع به. وذلك أن جوف الحمار لا ينتفع منه بشيء. وقال ابن الكلبي: حمار رجل من العمالقة. وجوفه واديه. قلت: وقد أوردت ذكره في قولهم: أكفر من حمار. في باب الكاف.

تقيس الملائكة إلى الحدادين

قال المفضل: يقال أن أصل هذا المثل أنه لما نزلت هذه الآية: "عليها تسعة عشر" قال رجل، من كفار مكة من قريش من بني جمح، يكنى أبا الأشدين: أنا أكفيكم سبعة عشر وأكفوني اثنين. فقال رجل سمع كلامه: تقيس الملائكة إلى الحدادين. والحد، المنع والسجن. والحدادون، السجانون. ويقال لكل مانع حداد.

تفرق من صوت الغراب وتفرس الأسد المشتم

ويروى المشبم من الشبام وهي خشبة تعرض في فم الجدي لئلا يرضع أمه. ويعني ههنا الأسد الذي قد شدو فاه. ومن روى المشتم جعله من شتامة الوجه. وأصل المثل أن امرأة افترست أسداً ثم سمعت صوت غراب ففزعت منه. يضرب لمن يخاف الشيء الحقير ويقدم على الشيء الخطير.

تطلب ضباً وهذا ضب باد رأسه

ويروى: مخرج رأسه. قال عطاء بن مصعب: زعموا أن رجلين وترا رجلاً، وكل واحد منهما يسمى ضباً. فكان الرجل يهدد النائي عنه ويترك المقيم معه جبناً. فقيل له: تطلب ضباً، يعني الغائب، وهذا ضب باد رأسه، يعني الحاضر. يضرب لمن يجبن عن طلب ثأره.

تاتخذوه حمار الحاجات

يضرب للذي يمتهن في الأمور.

تركته بملاحس البقر أولادها

أي، بحيث تلحس البقر أولادها. يعني بالمكان القفر. ويروى بمباحث البقر. يقال معناهما تركته بحيث لا يدري أين هو

اتخذ الليل جملا

يضرب لمن يعمل العمل بالليل من قراءة أو صلاة أو غيرهما مما يركب فيه الليل. وقال بعض الكتاب في رجل فات بمال وطوى المراحل: أتخذ الليل جملاً، وفات بالمال كملاً، وعبر الوادي عجلاً.

أتبع الفرس لجامها والناقة زمامها

قال أبو عبيد: أرى معناه أنك قد جدت بالفرس واللجام أيسر خطباً فأتم الحاجة لما أن الفرس لا غنى به عن اللجام. وكان المفضل يذكو أن المثل لعمرو بن ثعلبة الكلبي، أخي عدي بن جناب الكلبي. وكان ضرار ابن عمرو الضبي أغنار عليهم فسبي يومئذ سلمى بنت وائل الصائغ، وكانت يومئذ أمة لعمرو بن ثعلبة، وهي أم النعمان بن المنذر، فمضى بها ضرار مع ما غنم، فأدركه عمرو بن ثعلبة، وكان له صديق. فقال: أنشدك الأخاء والمودة إلا رددت علي أهلي. فجعل يرد شيئاً شيئاً حتى بقيت سلمى، وكانت قد أعجبت ضراراً، فأبى أن يردها فقال عمرو: يا ضرار ابتع الفرس لجامها فأرسلها مثلاً. قال غيره: أصل هذا أن ضرار بن عمرو قاد ضبة إلى الشام فأغار على كلب بن وبرة فأصاب فيهم، وغنم وسبي الذراري فكانت في السبي الرائعة قينة كانت لعمرو بن ثعلبة وبنت لها يقال لها سلمى بنت عطية بن وائل. فسار ضار بالغنائم والسبي إلى أرض نجد، وقدم عمرو بن ثعلبة على قومه، ولم يكن شهد غارة ضرار عليهم. فقيل له: أن ضرار بن عمرو أغار على الحي فأخذ أموالهم وذراريهم. فطلب عمرو بن ثعلبة ضراراً وبني ضبة فلحقهم قبل أن يصلوا إلى أرض نجد. فقال عمرو بن ثعلبة لضرار: رد علي مالي وأهلي. فرد عليه ماله وأهله. ثم قال: رد علي قياني فرد عليه قينته الرائعة، وحبس ابنتها سلمى. فقال له عمرو: يا أبا قبيصة أتبع الفرس لجامها. فأرسلها مثلاً.

تقديم الحرم من النعم

يعنون البنات. وهذا كقولهم: دفن البنات من المكرمات.

تقفز الجعثن بي يا مر زدها قعباً

الجعثن، أصل الصليان. ومر، ترخيم مرة وهو اسم لغلامه. وذلك أن رجلاً كان له فرس وكان يصبحها قعباً ويغبقها قعبا. فلما رآها تقفز الجذامير، وهي أصول الشجر. قال لغلامه: يا مر زدها قعباً. يضرب لمن يستحق أكثر مما يعطي.

تركته يقاس بالجذاع

يضرب للرجل المسن. أي هو شاب في عقله وجسمه.

اتق خيرها بشرها وشرها بخيرها

الهاء، ترجع إلى اللقطة والضلة يجدها الرجل يقول دع خيرها بسبب شرها الذي يعقبها، وقابل شرها بخيرها تجد شرها زائداً على الخير. وهذا حديث. ويروى عن ابن عباس رضي الله عنهما.

تأبى له ذلك بنات ألببي

قالوا: أصل هذا أن رجلاً تزوج امرأة وله أم كبيرة فقالت المرأة للزوج: لا أنا ولا أنت حتى تخرج هذه العجوز عنا. فلما أكثرت عليه احتملها على عنقه ليلاً، ثم أتى بها وادياً كثير السباع، فرمى بها فيه ثم تنكر لها، فمر بها وهي تبكي فقال: ما يبكيك يا عجوز? قالت: طرحني ابني ههنا وذهب، وأنا أخاف أن يفترسه الأسد. فقال لها: تبكين له وقد فعل بك ما فعل هلا تدعين عليه قالت: تأبى له ذلك بنات ألببي. قالوا: بنات ألبب عروق في القلب تكون منها الرقة. قال الكميت:
إليكم ذوي آل النبي تطلعـتنوازع من قلبي ظلماء وألبب

اتق الصبيان لا تصبك بأعقائها

الأعقاء، جمع العقي وهو ما يخرج من بطن المولود حين يولد. يضرب للرجل تحذره من تركه له مصاحبته. أي جانب المريب المتهم.

تربت يداك

قال أبو عبيد: يقال للرجل إذا قل ماله، قد ترب. أي افتقر حتى لصق بالتراب. وهذه كلمة جارية على ألسنة العرب يقولونها ولا يريدون وقوع الأمر. ألا تراهم يقولون: لا أرض لك. ولا أم لك. ويعلمون أن له أرضاً وأما. قال المبرد: سمع أعرابي في سنة قحط بمكة يقول:
قد كنت تسقينا فما بدا لكـارب العباد ما لنا ومالـكـا
أنزل علينا الغيث لا أبا لكا
قال: فسمعه سليمان بن عبد الملك فقال: أشهد أنه لا أبا له ولا أم ولا ولد.

تركته يفت اليرمع

يقال للحصا البيض يرمع، وهي حجارة فيها رخاوة يجعل الصبيان منها الخذاريف. يضرب للمغموم المنكسر

تعساً لليدين وللفم

كلمة يقولها الشامت بعدوه. يقال: تعس يتعس تعساً، إذا عثر. وأتعسه الله. ولليدين، معناه على اليدين.

تركته يصرف عليك نابه

يضرب لمن يغتاظ عليك. ومثله: تركته يحرق عليك الأرم.

تبشرني بغلام أعيا أبوه

وذلك أن رجلاً بشر بولد ابن له، وكان أبوه يعقه، فقال هذا. قال الشاعر:
ترجوا الوليد وقد أعياك والدهوما رجاؤك بعد الوالد الولدا

تركته تغنيه الجرادتان

يضرب لمن كان لاهياً في نعمة ودعة. والجرادتان، قينتا معاوية بن بكر، أحد العماليق. وأن عاداً لما كذبوا هوداً عليه السلام توالت عليهم ثلاث سنوات لم يروا فيها مطراً فبعثوا من قومهم وفداً إلى مكة، ليستسقوا لهم، ورأسوا عليهم قيل برعنق، ولقيم بن هزال، ولقمان بن عاد. وكان أهل مكة إذ ذاك العماليق، وهم بني عمليق بن لاوذ بن سام، وكان سيدهم بمكة معاوية بن بكر. فلما قدموا، نزلوا عليه، لأنهم كانوا أخواله وأصهاره فأقاموا عنده شهراً. وكان يكرمهم والجرادتان تغنيانهم فنسوا قومهم شهراً فقال معاوية: هلك أخوالي، ولو قلت لهؤلاء شيئاً ظنوا بي بخلاً. فقال شعراً وألقاه إلى الجرادتين فأنشدتاه، وهو:
ألا يا قيل ويحك قم فـهـينـملعل الله يبعثهـا غـمـامـا
فيسقي أرض عـاد إن عـاداقد أمسوا لا يبينون الكلامـا
من العطش الشديد فليس ترجولها الشيخ الكبير ولا الغلامـا
وقد كانت نساؤهـم بـخـيرفقد أمست نساؤهـم أيامـى
وإن الوحش يأتيهم جـهـاراولا يخشى لعاديٍّ سـهـامـا
وأنتم ههنا فيما اشـتـهـيتـمنهاركم وليلكم الـتـمـامـا
فقبح وفدكم مـن وفـد قـومولا لقوا التحية والسـلامـا
فلما غنتهم الجرادتان بهذا، قال بعضهم لبعض: يا قوم إنما بعثكم قومكم يتغوثون بكم. فقاموا ليدعوا، وتخلف لقمان، وكانوا إذا دعوا جاءهم نداء من السماء أن سلوا ما شئتم فتعطون ما سألتم. فدعوا ربهم واستسقوا لقومهم فأنشأ الله لهم ثلاث سحابات بيضاء وحمراء وسوداء. ثم نادى مناد من السماء: يا قيل اختر لقومك ولنفسك واحدة من هذه السحائب. فقال: أما البيضاء فجفل، وأما الحمراء فعارض، وأما السوداء فهطلة، وهي أكثرها ماء، فاختارها. فنادى منادٍ: قد اخترت لقومك رماداً رمدا لا تبقي من عادا أحدا، لا والداً ولا ولداً. قال وسير الله السحابة التي اختارها قيل إلى عاد. ونودي لقمان: سل. فسأل عمر ثلاثة أنسر غأعطي ذلك. وكان يأخذ فرخ النسر من وكره فلا يزال عنده حتى يموت. وكان آخرها لبد وهو الذي يقول فيه النابغة:
أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملواأخنى عليها الذي أخنى على لـبـد

تباعدت العمة من الخالة

وذلك أن العمة خير للولد من الخالة. يقال في المثل: أتيت خالاتي فأضحكنني وأفرحنني، وأتيت عماتي فأبكينني وأحزنني. وقد مر هذا في قولهم: أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك. يضرب في التباعد بين الشيئين.

تسمع بالمعيدي خير من أن تراه

ويروى: لأن تسمع بالمعيدي خير، وأن تسمع، ويروى: تسمع بالمعيدي لا أن تراه. والمختار: أن تسمع. يضرب لمن خبره خير من مرآه، وأدخل الباء على تقدير تحدث به خير. قال المفضل: أول من قال ذلك المنذر بن ماء السماء. وكان من حديثه أن كبيش نب جابر أخا ضمرة بن جابر من بني نهشل، كان عرض لأمة لزرارة بن عدس يقال لها رشية، كانت سبية أصابها زرارة من الرفيدات، وهم حي من العرب، فولدت له عمراً وذؤيباً وبرغوثاً. فمات كبيش وترعرع الغلمة. فقال لقيط بن زرارة: يا رشية من أبو بنيك? قالت: كبيش بن جابر. قال: فاذهبي بهؤلاء الغلمة فعبّسي بهم وجه ضمرة وخبريه من هم. وكان لقيط عدواً لضمرة. فانطلقت بهم إلى ضمرة. فقال: ما هؤلاء? قالت: بنو أخيك. فانتزع منها الغلمة. وقال: الحقي بأهلك. فرجعت فأخبرت أهلها بالخبر، فركب زرارة، وكان رجلا حليماً، حتى أتى بني نهشل فقال: ردوا علي غلمتي. فسبه بنو نهشل واهجروا له. فلما رأى ذلك انصرف فقال له قومه: ما صنعت? قال خيراً، ما أحسن ما لقيني به قومي فمكث حولاً ثم أتاهم فأعادوا عليه أسوأ ما كانوا قالوا له. فأنصرف فقال له قومه: ما صنعت? قال خيراً، قد أحسن بنو عمي وأجملوا. فمكث بذلك سبع سنين يأتيهم ف يكل سنة فيردونه بأسوأ الرد. فبينما بنو نهشل يسيرون ضحى إذ لحق بهم لاحق فأخبرهم أن زرارة قد مات. فقال ضمرة: يا بني نهشل إنه قد مات حليم أخوتكم اليوم فاتقوهم بحقهم. ثم قال ضمرة لنسائه: قفن أقسم بينكن الثكل، وكانت عنده هند بنت كرب بن صفوان، وامرأة يقال لها خليدة من بني عجل، وسبية من عبد القيس، وسبية من الأزد من بني طمثان. وكان لهن أولاد غير خليدة فقالت لهند، وكانت لها مصافية: ولي الثكل بنت غيرك. ويروى: ولى الثكل بنت غيرك، على سبيل الدعاء، فأرسلتها مثلاً. فأخذ ضمرة شقة بن ضمرة وأمه هند، وشهاب بن ضمرة وأمه العبدية، وعنوة ابن ضمرة وأمه الطمثانية، فأرسل بهم إلى لقيط بن زرارة وقال لهؤلاء رهن لك بغلمك حتى أرضيك منهم. فلما وقع بنو ضمرة في يدي لقيط أساء ولايتهم وجفاهم وأهانهم فقال في ذلك ضمرة بن جابر:
صرمت أخاء شقة يوم غولوأخوته فلاحت حـلالـي
كأني إذ رهنت بني قومـيدفعتهم إلى الصهب السبال
ولم أرهنهم بـدم ولـكـنرهنتهم بصلح أو بـمـال
صرمت أخاء شقة يوم غولوحق أخاء شقة بالوصـال
فأجابه لقيط:
أبا قطن إنـي أراك حـزينـاًوأن العجول لا يبال يحنـينـا
أفي أن صبرتم نصف عام لحقناونحن صبرنا قبل سبع سنينـا
فقال ضمرة:
لعمرك أنني طـلاب حـبـيوترك بني في الشرط الأعادي

لمن نوكي الشيوخ وكان مثليإذا ماضل لم ينعش بـهـاد
ثم أن بني نهشل طلبوا إلى المنذر بن ماء السماء أن يطلبهم ن لقيط. فقال لهم المنذر: نحوا عني وجوهكم. ثم أمر بخمر وطعام، ودعا لقيطاً، فأكلا وشربا حتى إذا أخذت الخمر منهما قال المنذر للقيط: يا خير الفتيان، ما تقول في رجل أختارك الليلة على ندامى مضر? قال: وما أقول فيه أقول أنه لا يسألني شيئاً إلا أعطيته إياه غير الغلمة. قال المنذر: أما إذا استثنيت فلست قابلاً منك شيئاً حتى تعطيني كل شيء سألتك. قال: فذلك لك. قال: فإني أسألك الغلمة أن تهبهم لي. قال: سلني غيرهم. قال: ما أسألك غيرهم. فأرسل لقيط إليهم فدفعهم إلى المنذر. فلما أصبح لقيط، لامه قومه، فندم. فقال في المنذر:
إنك لو غطـيت أرجـاء هـوةمعمسة لا يستثـار تـرابـهـا
بثوبك في الظلماء ثم دعوتـنـيلجئت إليها سادراً لا أهـابـهـا
فأصبحت موجوداً على ملـومـاًكأن نضيت عن حائض لي ثيابها
قال: فأرسل المنذر إلى الغلمة، وقد مات ضمرة، وكان صديقاً للمنذر. فلما دخل عليه الغلمة، وكان يسمع بشقة ويعجبه ما يبلغه عنه. فلما رآه قال: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه. فأرسلها مثلاً. قال شقة أبيت اللغن وأسعدك الهك. أن القوم ليسوا بجزر، يعني الشاء، إنما يعيش الرجل بأصغريه، لسانه وقلبه. فأعجب المنذر كلامه وسره كل ما رأة منه. قال: فسماه ضمرة باسم أبيه فهو ضمرة بن ضمرة. وذهب قوله: يعيش الرجل بأصغريه مثلاً. وينشد على هذا:
ظننت به خيراً فقصـر دونـهفيا رب مظنون به الخير يخلف
قلت: وقريب من هذا ما يحكى أن الحجاج أرسل إلى عبد الملك بن مروان بكتاب مع رجل، فجعل عبد الملك يقرأ الكتاب ثم يسأل الرجل فيشفيه بجواب ما يسأله، فيرفع عبد الملك رأسه إليه فيراه أسود، فلما أعجبه ظرفه وبيانه قال متمثلاً:
فإن عرارا أن يكن غير واضـحفإني أحب الجون ذا المنكب العمم
فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين هل ترى من عرار? أنا والله عرار ابن عمرو بن شاس الأسدي الشاعر.

توقري يا زلزة

الزلز، القلق والحركة. يضرب للمرأة الطوافة في بيوت الحي.

تَطّعَّمْ تطْعَمْ

أي، ذق حتى يدعوك طعمه إلى أكله. يضرب في الحث على الدخول في الأمر. أي أدخل في أوله يدعوك إلى الدخول في آخره، ويرغبك فيه.

الأحد، 23 أبريل 2017

تطلب أثراً بعد عين

العين، المعاينة. يضرب لمن ترك شيئاً يراه ثم تبع أثره بعد فوت عينه قال الباهلي: أول من قال ذلك مالك بن عمرو العاملي. وفي كتاب أبي عبيد مالك بن عمرو الباهلي. قال: وذلك أن بعض ملوك غسان كان يطلب في عامله دخلاً فأخذا منهم رجلين يقال لهما مالك وسماك ابنا عمرو فاحتبسهما عنده زماناً ثم دعاهما فقال لهما: إني قاتل أحدكما فإيكما أقتل، فجعل كل واحد منهما يقول أقتلني كان أخي. فلما رأى ذلك قتل سماكاً وخلى سبيل مالك فقال سماك حين ظن أنه مقتول:
ألا مـن شـجــت لـــية عـــامـــدهكمـــا أبـــد لـــيلة واحـــــــده
فأبـلـغ قـضــاعة أن جـــئتـــهـــموخـص سـراة بــنـــي ســـاعـــده
وأبـلـغ نـزاراً عــلـــى نـــأيهـــابأن الـرمـــاح هـــي الـــعـــائده
وأقـسـم لـو قـتـلـوا مـــالـــكـــاًلكـنـت لـــهـــم حـــية راصـــده
برأس سبيل على مرقب ويوماً على طرق وارده
فأم سماك فلا تجزعي فللموت ما تلد الـوالـده
وانصرف مالك إلى قومه، فلبث فيهم زماناً، ثم أن ركباً مروا واحدهما يتغنى بهذا البيت:  
فسمعت بذلك أم سماك فقالت: يا مالك قبح الله الحياة بعد سماك. أخرج في الطلب بأخيك. فخرج في الطلب فلقي قاتل أخيه يسير في ناس من قومه. فقال: من أحسن لي الجمل الأحمر? فقالوا له، وعرفوه: يا مالك لك مائة من الإبل فكف. فقال: لا أطلب أثراً بعد عين. فذهبت مثلاً. ثم حمل على قاتل أخيه فقتله وقال في ذلك:
يا راكـبـاً بـلـغــا ولا تـــدعـــابنـي قـمـير وإن هـم جــزعـــوا
فلـيجـدوا مـث لـمـا وجـدت فـقــدكنـت حـزينـاً قـد مـسـنـي وجــع
لا أسـمـع الـلـهـو فـي الـحـديث ولاينفعنـي فـي الـفـراش مـضـطـجـع
لا وجـد ثـكـلـي كـمـا وجـــدت ولاوجـد عـجـول أضـلـهــا ربـــع
ولا كـبـير أضــل نـــاقـــتـــهيوم توافـي الـحـجـيح واجـتـمـعـوا
ينـظـر فـي أوجـه الـركـاب فـــلايعـرف شـيئاً والـوجـه مـلـتـمــع
جللته صارم الحديد كالملح وفيه سفاسق لمع
بين صمير وباب جلق فيأثـوابــه مـــن دمـــائه دفـــع
اضـربـــه بـــادياً نـــواجـــذهيدعـو صـداه والـرأس مـنـصـــدع
بنـي قـمـير قـتـلـت ســـيدكـــمفالــــيوم لا رنة ولا جـــــــزع

تنهانا أمنا عن الغي وتغدو فيه

يضرب لمن يحسن القول ويسيء الفعل.

تتابعي بقر

زعموا أن بشر بن أبي حازم الأسدي خرج في سنة أسنت فيها قومه وجهدوا. فمر بصوار من البقر، وأجل من الأروى. فذعرت منه، فركبت جبلاً وعراً ليس له منفذ، فلما نظر إليها قام على شعب من الجبل وأخرج قوسه، وجعل يشير إليها كأنه يرميها فجعلت تلقي أنفسها فتكسر. وجعل يقول:
أنت الذي تصنع ما لم يصنعأنت حططت من ذرا مقنع
كل شبوب لهق مـولـع
وجعل يقول: تتابعي بقر تتابعي بقر. حتى تكسرت فخرج إلى قومه، فدعاهم إليها، فأصابوا من اللحم ما انتعشوا به. يضرب عند تتابع الأمر وسرعة مره من كلام أو فعل متتابع يفعله ناس، أو خيل، أو إبل أو غير ذلك.

تلبدي تصيدي

التلبد، اللصوق بالأرض لختل الصيد. ومعنى المثل: احتل تتمكن وتظفر.

تركتهم في حيصَ بيصَ وحيصِ بيصِ

ويقال: حيصَ بيصَ وحيصِ بيصِ. فالحيص، الفرار. والبوص، الفوت. وحيص من بنات الياء، وبيص من بنات الواو، فصيرت الواو ياء ليزدوجا. يضرب لمن وقع في أمر لا مخلص له منه فراراًِ أو فوتاً.

تركتهم في كصيصة الظبي

قال اللحياني: كصيصة الظبي، موضعه الذي يكون فيه. وقال غيره: هي كفته التي يصاد بها. يضرب لمن يضيق عليه الأمر. 

تَهِمُّ ويُهَمُّ بكَ

الهم، القصد. يضرب للمغتر بعمله لا يخاف عاقبته.

تشمرت مع الجاري

يقال: تشمرت السفينة، إذا انحدرت مع الماء. وشمرتها أنا إذا أرسلتها. يضرب في الشيء يستهان به وينسى. وقائله كعب بن زهير بن أبي سلمى. قال ابن دريد: ليس في العرب سلمى بالضم إلا هذا. وزاد غيره وأبو سلمى ربيعة بن رباح بن قرط من بني مازن. قلت: والمحدثون يعدون غيرهما قوماً يطول ذكرهم. وإنما قال هذا المثل كعب حين ركب هو وأبوه زهير سفينة في بعض الأسفار فأنشد زهير قصيدته المشهورة وهي: أمن أم أوفى دمنة لم تكلم وقال لابنه كعب: دونك فاحفظها. فقال: نعم. وأمسيا، فلما أصبحا. قال له يا كعب: ما فعلت العقيلة? يعني القصيدة. قال: يا أبت إنها تشمرت مع الجاري، يعني نسيتها فرت مع الماء. فأعادها عليه وقال: إن شمرتها يا كعب شمرت بك على أثرها.

تحمي جوابيه نقيق الضفدع

الجوابي، جمع جابية وهي الحوض. يضرب للرجل لا طائل عنده بل كله قول وبقبقة.

تجاوز الروض إلى القاع القرق

يضرب لمن عدل بحاجته عن الكريم إلى اللئيم. والقرق المستوي.

تشكو إلى غير مصمت

أي، إلى من لا يهتم بشأنك قال:
إنك لا تشكو إلـى مـصـمـتفاصبر على الحمل الثقيل أو مت

تلدغ العقرب وتصيء

يقال: صأى الفرخ والخنزير والفأر والعقرب يصيء صئياً، على فعيل، إذا صاح. وصاء مقلوب منه. يضرب للظالم في صورة المتظلم.

تمرد مارد وعز الأبلق

مارد، حصن دومة الجندل. والأبلق، حصن للسموءل بن عاديا، قيل وصف بالأبلق لأنه بني من حجارة مختلفة الألوان بأرض تيماء. وهما حصنان قصدتهما الزباء ملكة الجزيرة فلم تقدر عليهما. فقالت: تمرد مارد وعز الأبلق. فصار مثلاً لكل ما يعز ويمتنع على طالبه. وعز معناه غلب من عز يعز ويجوز أن يكون من عز يعز.

تمنعي أشهى لك

أي، مع التأني يقع الحرص. وأصله أن رجلاً قال لامرأته تمنعي إذا غازلتك يكن أشهى، أي ألذ. يضرب لمن يظهر الدلال ويغلي رخيصه.

ترفض عند المحفظات الكتائف

ترفض، أي تتفرق. والمحفظات، المفضبات والحفيظة والحفظة الغضب. والكتائف، السخائم والأحقاد. يقول: إذا رأيت حميمك يظلم أغضبك ذلك فتنسى حقدك عليه وتنصره.

تحقره وينتأ

يقال: نتأ الشيء إذا ارتفع ينتأ نتوءاً. يضرب لمن يحتقر أمراً وهو يعظم في نفسه.

تخرسي يا نفس لا مخرس لك

أي، اصنعي لنفسك الخرسة، وهي طعام النفساء نفسها. قالته امرأة ولدت ولم يكن لها من يهتم بشأنها.

تحمدي يا نفس لا حامد لك

أي، أظهر حمد نفسك بأن تفعل ما تحمد عليه فإنه لا حامد لك ما لم تفعله.
تنزو وتلين هذا من النزو والنزوان، وهما الوثب وليس من النزاء، الذي هو السفاد. وربما قالوا: تنزو وتلين وتؤدي الأربعين.
ذكروا أن أعرابياً حبس فقال:
ولما دخلت السجن كبر أهـلـهوقالوا أبو ليلى الغـداة حـزين
وفي الباب مكتوب على صفحاتهبأنك تنزو ثـم سـوف تـلـين

تعلمني بضب أنا حرشته

تعلمني، بمعنى تعلمني أي تخبرني، ولذلك أدخل الباء كقوله تعالى: "قل أتعلمون الله بدينكم". وحرش الضب، صيده.

تسقط به النصيحة على الظنة

أي، كثرة نصيحتك إياه تحمله على أن يتهمك.

تخبر عن مجهوله مرآته

أي، منظره يخبر عن مخبره.

تجشأ لقمان من غير شبع

تجشأ، أي تلكف الجشاء. يضرب لمن يدعي ما ليس يملك. ويقال: تجشأ لقمان من غير شبع من علبتين وثمان وربع. قال أبو الهيثم: فهذه عشر علب مع ربع لم يعدها لقمان شيئاً لكثرة حاجته إلى الأكل وقد تجشأ تجشؤ غير الشبعان.

تيه مغن وظرف زنديق

يروى هذا عن أبي نواس. وأراد بقوله: ظرف زنديقن مطيع بن إياس ولقبه بذلك بشار بن برد. وكان إذا وصف إنساناً بالظرف قال أظرف من الزنديق، يعني مطيعاً. لأن من تزندق كان له ظرف يباين به الناس. ومن قال فلان أظرف من زنديق فقد غلط.

تشددي تنفرجي

الخطاب للداهية. أي تناهي في العظم والشدة تذهبي. يضرب عند اشتداد الأمر.

تعجيل العقاب سفه

أي، أن الحليم لا يعجل بالعقوبة.

تذكرت رياً ولداً

ريا، اسم امرأة. يضرب لمن يتنبه لشيء قد غفل عنه

تالله لولا عتقه لقد بلي

العتق، العتاقة وهي الكرم. يضرب للصبور على الشدائد.

تركته باست المتن

المتن، ما صلب من الأرض. أي تركته وحيداً.

تركته في وحش إصْمِتَ. وببلدة إصْمِتْ. وفي بلدة إصمِتَةَ

أي، في فلاة. يضرب للوحيد الذي لا ناصر له.

بحسبها حمقاء وهي باخسٌ

ويروى، باخسة. فمن روى باخس أراد أنها ذات بخس تبخس الناس حقوقهم. ومن روى باخسة بناه على بخست فهي باخسة. يقال أن المثل تكلم به رجل من بني العنبر من تميم جاورته امرأة فنظر إليها فحسبها حمقاء لا تعقل ولا تحفظ ولا تعرف مالها، فقال العنبري: ألا أخلط مالي ومتاعي بمالها ومتاعها ثم أقاسمها فآخذ خير متاعها وأعطيها الرديء من متاعي فقاسمها بعد ما خلط متاعه بمتاعها فلم ترض عند المقاسمة حتى أخذت متاعها ثم نازعته وأظهرت له الشكوى حتى افتدى منها بما أرادت، فعوتب عند ذلك فقيل له: أختدعت امرأة وليس ذلك بحسن. فقال: تحسبها حمقاء وهي باخسة. يضرب لمن يتباله وفيه دهاء.

تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها

أي، لا تكون ظئراً وإن آذاها الجوع. ويروى، ولا تأكل ثدييها. وأول من قال ذلك، الحرث بن سليل الأسدي، وكان حليفاً لعلقمة بن خصفة الطائي فزاره فنظر إلى ابنته الزباء، وكانت من أجمل أهل دهرها، فأعجب بها، فقال له: أتيتك خاطباً وقد ينكح الخاطب، ويدرك الطالب، ويمنح الراغب. فقال له علقمة: أنت كفؤ كريم يقبل منك الصفو ويؤخذ منك العفو، فأقم ننظر في أمرك. ثم انكفأ إلى أمها فقال: أن الحرث ابن سليل سيد قومه حسباً ومنصباً وبيتاً وقد خطب إلينا الزباء فلا ينصرفنّ إلا بحاجته. فقالت امرأته لابنتها: أي الرجال أحب إليك الكهل الجحجاح الواصل المناح، أم الفتى الوضاح? قالت: لا، بل الفتى الوضاح. قالت: أن الفتى يغيرك وأن الشيخ يميرك، وليس الكهل الفاضل الكثير النائل كالحديث السن الكثير المن. قالت: يا أمتاه أن الفتاة تحب الفتى كحب الرعاء أينق الكلا. قالت: أي بنية إن الفتى شديد الحجاب كثير العتاب. قالت: إن الشيخ يبلي شبابي ويدنس ثيابي ويشمت بي أترابي. فلم تزل أمها بها حتى غلبتها على رأيها. فتزوجها الحرث على مائة وخمسين من الإبل وخادم وألف درهم، فابتني بها، ثم رحل بها إلى قومه. فبينا هو ذات يوم جالس بفناء قومه، وهي إلى جانبه، إذا أقبل إليه شباب من بني أسد يعتلجون، فتنفست صعداء، ثم أرخت عينيها بالبكاء. فقال لها: ما يبكيك? قالت: ما لي وللشيوخ الناهضين كالفروخ. فقال لها: ثكلتك أمك، تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها. قال أبو عبيد: فإن كان الأصل على هذا الحديث فهو على المثل السائر، لا تأكل ثدييها. وكان بعض العلماء يقول هذا لا يجوز وإنما هو لا تأكل بثدييها. قلت: كلاهما في المعنى سواء، لأن معنى، لا تأكل ثدييها، لا تأكل أجرة ثدييها. ومعنى بثدييها، أي لا تعيش بسبب ثدييها وبما يغلان عليها. ثم قال الحرث لها: أما وأبيك لرب غارة شهدتها وسبية أردفتها وخمرة شربتها، فالحقي بأهلك فلا حاجة لي فيك. وقال:
تهزأت أن رأتني لابساً كـبـراوغاية الناس بين الموت والكبر
فإن بقيت لقيت الشسيب راغـمةوفي التعرف ما يمضي من العبر
وإن يكن قد علا رأسـي وغـيرهصرف الزمان وتغيير من الشعر
فقد أروح للذات القـنـى جـذلاًوقد أصيب بها عيناً من البـقـر
عني إليك فإني لا تـوافـقـنـيعور الكلام ولا شرب على الكدر
يضرب في صيانة الرجل نفسه عن خسيس مكاسب الأموال.