الاثنين، 3 يوليو 2017

أحلبت ناقتك أم أجلبت

يقال: احلب الرجل، إذ نتجت إبله إناثاً فيحلب ألبانها. وأجلب، إذا نتجت إبله ذكوراً فيجلب أولادها للبيع. والعرب تقول في الدعاء على الإنسان: لا أحلبت ولا أجلبت. ودعا رجل على رجل فقال: إن كنت كاذباً فحلبت قاعداً وشربت بارداً، أي حلبت شاة لا ناقة وشربت بارداً على غير ثقل.

أحشك وتروثني

أراد تروث علي، فحذف الحرف وأوصل الفعل. يضرب لمن يكفر إحسانك إليه. ويروى أن عيسى عليه السلام علف حماراً وإنه رمحه فقال أعطيناه ما أشبهنا وأعطانا ما أشبهه. ويروى: أحسك، بالسين غير المعجمة.

حولها من ظهرك إلى بطنك

الهاء للخطة، أي حولها إلى قرينك فتنجو.

حدثني فاه إلى فيَّ

وذلك إذا حدثك وليس بينكما شيء. والتقدير حدثني جاعلاً فاه إلى في، يعني مشافها.

احمل العبد على فرس فإن هلك هلك وإن عاش فلك

يضرب هذا لكل ما هان علك أن تخاطر به.

حب إلى عبد محكده

المحكد، الأصل. وهي لغة عقيل. وأما كلاب فيقولون محقد. ويروى: حبيب إلى عبد سوء محكده. يضرب لمن يحرص على ما يشينه. وقيل معناه أن الشاذ يحب أصله وقومه حتى عبد السوء يحب أصله.

حميم المرء وأصله

يقال أن أول من قال ذلك الخنابس بن المقنع، وكان سيداً في زمانه، وإن رجلاً من قومه يقال له كلاب بن فارع، وكان في غنم له يحميها، فوقع فيها ليث ضار، وجعل يحطمها، فانبرى كلاب يذب عنها فحمل عليه الأسد فخبطه بمخالبه خبطة، فانكب كلاب وجثم عليه الأسد، فوافق ذلك من حاله رجلان، الخنابر بن مرة، وآخر يقال له حوشب، وكان الخنابر حميم كلاب، فاستغاث بهما كلاب، فحاد عنه قريبه وخذله، وأعانه حوشب فحمل على الأسد وهو يقول:
أعنته إذ خذل الخنـابـروقد علاه مكفهر خـادر
هرامس جهم له زماجـرونابه حرداً عليه كاشـر
أبرز فإني ذو حسام حاسرإني بهذا إن قتلت ثابـر
فعارضه الأسد، وأمكن سيفه من حضنيه فمر بين الأضلاع والكتفين، فخر صريعاً. وقام كلاب إلى حوشب وقال: أنت حميمي دون الخنابر، وانطلق كلاب بحوشب حتى أتى قومه وهو آخذ بيد حوشب يقول: هذا حميمي دون الخنابر. ثم هلك كلاب بعد ذلك فاختصم الخنابر وحوشب في تركته، فقال حوشب: أنا حميمه وقريبه، فلقد خذلته ونصرته، وقطعته ووصلته، وصممت عنه وأجبته، واحتكما إلى الخنابس. فقال: وما كان من نصرتك إياه? فقال:
أجبت كلاباً حـين عـرد الـفـهوخلاه مكبوباً على الوجه خنبـر
فلما دعاني مستغـيثـاً أجـبـتـهعليه عبوس مكفهر غضـنـفـر
مشيت إليه مشي ذي العز إذ غـداوأقبل مختال الخطا يتـبـخـتـر
فلما دنا من غرب سيفي حبـوتـهبأبيض مصقول الطرائق يزهـر
فقطع ما بين الضلوع وحضـنـهإلى حضنه الثاني صفيح مـذكـر
فخر صريعاً في التراب معـفـراًوقد زار منه الأرض أنف ومشفر
فشهد القوم أن الرجل قال: هذا حميمي دون الخنابر. فقال الخنابس عند ذلك: حميم المرء وأصله! وقضى لحوشب بتركته، وسارت كلمته مثلاً.

حانية مختضبة

وذلك أن امرأة مات زوجها، ولها ولد، فزعمت أنها تحنو على ولدها ولا تتزوج، وكانت في ذلك تخضب يديها، فقيل لها ها القول. تضربه لمن يريبك أمره.

ألحسن أحمر

قالوا: معناه من قولهم، موت أحمر، أي شديد، ومنه: كنا إذا أحمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، أي اشتد. ومعنى المثل: من طلب الجمال احتمل المشقة. وقال أبو السمح: إذا خضبت المرأة يديها، وصبغت ثوبها، قيل لها هذا. يريد أن الحسن في الحمرة. وقال الأزهري: الأحمر الأبيض، والعرب تسمي الموالي من عجم الفرس والروم الحمر، لغلبة البياض على ألوانهم. وكانت عائشة رضي الله عنها تسمى الحميراء لغلبة البياض على لونها.

حرامه يركب من لا حلال له

ذكر المفضل بن محمد الضبي أن جبيلة بن عبد الله، أخا بني قريع بن عوف، أغار على إبل جرية بن أوس بن عامر يوم مسلوق فاطرد إبله غير ناقة كانت فيها مما يحرم أهل الجاهلية ركوبها، وكان في الإبل فرس لجرية يقال له العمود، وكان مربوطاً ففزع فذهب، وكان لجرية ابن أخت يرعى إبله فبلغ الخبر خاله، والقوم قد سبقوا بالإبل غير تلك الناقة الحرام، فقال جرية: رد علي تلك الناقة لأركبها في أثر القوم. فقال له الغلام: إنها حرام. فقال جرية: حرامه يركب من لا حلال له. يضرب لمن اضطر إلى ما يكرهه.

حدس لهم بمطفئة الرضف

يقال: حدس بالشاة، إذا أضجعها على جنبها ليذبحها. قال اللحياني: معناه ذبح لهم شاة مهزولة تطفئ النار ولا تنضج. وقيل: تطفئ الرضفة من سمنها. ويقال: حدس، إذا جاد يحدس حدساً. والمعنى، جادلهم بكذا. وروى أبو زيد: حدسهم بمطفئة الرضف.

الحديث ذو شجون

أي ذو طرق الواحد شجن، بسكون الجيم. والشواجن، أودية كثيرة الشجر، الواحدة شاجنة. وأصل هذه الكلمة الاتصال والالتفاف. ومنه الشجنة. والشجنة، الشجرة الملتفة الأغصان. يضرب هذا المثل في الحديث يتذكر به غيره. وقد نظم الشيخ أبو بكر علي بن الحسينم الفهستاني هذا المثل، ومثلاً آخر في بيت واحد، وأحسن ما شاء وهو:
تذكر نجداً والحديث شجونفجن اشتياقاً والجنون فنون
وأول من قال هذا المثل ضبة بن أد بن طابخة إلياس بن مضر، وكان له ابنان يقال لأحدهما سعد، وللأخر سعيد، فنفرت إبل لضبة تحت الليل فوجه ابنيه في طلبها فتفرقا فوجدها سعد فردها، ومضى سعيد في طلبها فلقيه الحرث بن كعب، وكان على الغلام بردان، فسأله الحرث إياهما فأبى عليه، فقتله، وأخذ برديه، فكان ضبة إذا أمسى فرأى تحت الليل سواداً قال أسعد أم سعيد، فذهب قوله مثلاً. يضرب في النجاح والخيبة فمكث ضبة بذلك ما شاء الله أن يمكث. ثم أنه حج فوافى عطاظ فلقي بها الحرث بن كعب، ورأى عليه بردي ابنه سعيد، فعرفهما، فقال له: هل أنت مخبري ما هذان البردان اللذان عليك? قال: بلى، لقيت غلاماً وهما عليه فسألته إياهما فأباى علي فقتلته، وأخذت برديه هذين. فقال ضبة: بسيفك هذا. قال: نعم. فقال: فأعطنيه انظر إليه فإني أظنه صارماً. فأعطاه الحرث سيفه، فلما أخذه من يده هزه وقال: الحديث ذو شجون ثم ضربه به حتى قتله فقيل له: يا ضبة أفي الشهر الحرام? فقال: سبق السيف العذل. فهو أول من سار عنه هذه الأمثال الثلاثة. قال الفرزدق:
لا تأمنن الحرب إن استعارهاكضبة إذ قال الحديث شجون

حوتاً تماقس

المماقسة، مفاعلة من المقس. يقال: مقسه في الماء، ومقله، وكذلك قمسه، إذا غطه. يضرب للرجل الداهي يعارضه مثله. وينشد:
فإن تك سباحاً فإني لسـابـحوإن تك غواصاً فحوتاً تماقس

الحرب خدعة

يروى بفتح الخاء وضمها، واختار ثعلب الفتحة، وقال: ذكر لي أنها لغة النبي صلى الله عليه وسلم وهي فعلة من الخدع، يعني أن المحارب إذا خدع من يحاربه مرة واحدة وانخدع له، ظفر به وهزمه. والمخدعة، بالضم، معناها أنه يخدع فيها القرن. وروي الكسائي: خدعة، بضم الخاء وفتح الدال، جعله نعتاً. للحرب، أي أنها تخدع الرجال. ومثله، همزة ولمزة ولعنة للذي يهمز ويلمز ويلعن. وهذا قياس.

حرة تحت قرة

الحرة، مأخوذة من الحرارة، وهي العطش. والقرة، البرد. ويقال: كسر الحرة لمكان القرة. قالوا: وأشد العطش ما يكون في يوم بارد. يضرب لمن يضمر حقداً وغيظاً ويظهر مخالصة.

حتنى لا خير في سهم زلخ

قال الليث: الزلخ، رفع اليد في الرمي إلى أقصى ما يقدر عليه، يريد بعد الغلوة وأنشد: من مائه زلخ بمريخ غال وحتنى فعلى من الإحتتان، وهو التساوي يقال: وقع النبل حتنى. إذا وقعت متساوية. ويروى: حتنى لا خير في سهم زلج. يقال: سهم زالج. إذا كان يتزلج عن القوس، ومعنى زلج خف على الأرض. ويقال السهم الزالج الذي إذا رمى به الرامي قصر عن الهدف، وأصاب الصخرة إصابة صلبة، ثم ارتفع إلى القرطاس فأصابه، وهذا لا يعد مقرطساً، فيقال لصاحبه: الحتنى. أي، أعد الرمي فإنه لا خير في سهم زلج. فالحتنى يجوز أن يكون في موضع رفع خبر المبتدأ، أي هذا حتنى. ويجوز أن يكون في موضع نصب، أي قد احتتنا احتتنانا، أي قد استوينا في الرمي فلا فضل لك علي فأعد الرمي. يضرب في التساوي وترك التفاوت.

حسن في كل عين ما تود

هذا قريب من قولهم: حبك الشيء يعمي ويصم.

حبيب إلى عبد من كده

يعني، أن من أهانه وأتعبه فهو أحب إليه من غيره، لأن سجاياه مجبولة على احتمال الذل.

حدث من فيك كحدث من فرجك

يعني، أن الكلام القبيح مثل الحدث. تمثل به ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما.

حبك الشيء يعمي ويصم

أي، يخفي عليك مساويه، ويصمك عن سماع العذل فيه.

حبلك على غاربك

الغارب، أعلى السنام، وهذا كناية عن الطلاق، أي اذهبي حيث شئت. وأصله أن الناقة إذا رعت وعليها الخطام ألقي على غاربها لأنها إذا رأت الخطام لم يهنئها شيء.

حسبك من القلادة ما أحاط بالعنق

أي، اكتف بالقليل من الكثير.

حسبك من غنى شبع وري

أي، اقنع من الغنى بما يشبعك ويرويك، وجد بما فضل. وهذا المثل لامرئ القيس يذكر معزى كانت له فيقول:
إذا ما لم تكن إبل فمعـزىكأن قرون جلتها العصـي
فتملأ بيتنا أقطا وسـمـنـاوحسبك من غنى شبع وري
قال أبو عبيد: وهذا يحتمل معنيين: أحدهما، يقول أعط كل ما كان لك وراء الشبع والري. والآخر، القناعة باليسير. ويقول: اكتف به ولا تطلب ما سوى ذلك والوجه الأول لقوله في شعر له آخر وهو:
ولو أنما أسعى لأدني مـعـيشةكفاني ولم أطلب قليل من المال
ولكنما أسعى لمـجـد مـؤثـلوقد يدرك المجد المؤثل أمثالـي
وما المرء ما دامت حشاشة نفسهبمدرك أطراف الخطوب ولا آل
فقد أخبر ببعد همته وقدره في نفسه.

حلب الدهر أشطره

هذا مستعار من حلب أشطر الناقة، وذلك إذا حلب خلفين من أخلافها، ثم يحلبها الثاني خلفين أيضاً. ونصب أشطره على البدل، فكأنه قال: حلب أشطر الدهر. والمعنى أنه اختبر الدهر شطري خيره وشره، فعرف ما فيه. يضرب فيمن جرب الدهر.

حور في محارة

أي، نقصان في نقصان، من حار يحور حوراً إذا ُرجع. ثم يخفف فيقال حور. ومنه في بئر لا حور سرى وما شعر. وروى شمر، عن ابن الأعرابي: حور في محارة، بفتح الحاء، ولعله ذهب إلى الحديث نعوذ بالله من الحور بعد الكور.