يقال أن أول من قال ذلك الخنابس بن المقنع، وكان سيداً في زمانه، وإن رجلاً من قومه يقال له كلاب بن فارع، وكان في غنم له يحميها، فوقع فيها ليث ضار، وجعل يحطمها، فانبرى كلاب يذب عنها فحمل عليه الأسد فخبطه بمخالبه خبطة، فانكب كلاب وجثم عليه الأسد، فوافق ذلك من حاله رجلان، الخنابر بن مرة، وآخر يقال له حوشب، وكان الخنابر حميم كلاب، فاستغاث بهما كلاب، فحاد عنه قريبه وخذله، وأعانه حوشب فحمل على الأسد وهو يقول:
فعارضه الأسد، وأمكن سيفه من حضنيه فمر بين الأضلاع والكتفين، فخر صريعاً. وقام كلاب إلى حوشب وقال: أنت حميمي دون الخنابر، وانطلق كلاب بحوشب حتى أتى قومه وهو آخذ بيد حوشب يقول: هذا حميمي دون الخنابر. ثم هلك كلاب بعد ذلك فاختصم الخنابر وحوشب في تركته، فقال حوشب: أنا حميمه وقريبه، فلقد خذلته ونصرته، وقطعته ووصلته، وصممت عنه وأجبته، واحتكما إلى الخنابس. فقال: وما كان من نصرتك إياه? فقال:
فشهد القوم أن الرجل قال: هذا حميمي دون الخنابر. فقال الخنابس عند ذلك: حميم المرء وأصله! وقضى لحوشب بتركته، وسارت كلمته مثلاً.
أعنته إذ خذل الخنـابـر | وقد علاه مكفهر خـادر | |
هرامس جهم له زماجـر | ونابه حرداً عليه كاشـر | |
أبرز فإني ذو حسام حاسر | إني بهذا إن قتلت ثابـر |
أجبت كلاباً حـين عـرد الـفـه | وخلاه مكبوباً على الوجه خنبـر | |
فلما دعاني مستغـيثـاً أجـبـتـه | عليه عبوس مكفهر غضـنـفـر | |
مشيت إليه مشي ذي العز إذ غـدا | وأقبل مختال الخطا يتـبـخـتـر | |
فلما دنا من غرب سيفي حبـوتـه | بأبيض مصقول الطرائق يزهـر | |
فقطع ما بين الضلوع وحضـنـه | إلى حضنه الثاني صفيح مـذكـر | |
فخر صريعاً في التراب معـفـراً | وقد زار منه الأرض أنف ومشفر |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق