الجمعة، 7 أبريل 2017

بكرت شبوة تزبئر

شبوة، اسم للعقرب، لا تدخلها الألف واللام، مثل محوة للشمال، وخضارة للبحر. وتزبئر، تنتفش. يضرب لمن يتشمر للشر. أنشد ابن الأعرابي:
قد بكرت شبوة تـزبـئرتكسو إستها لحماً وتقمطر


بلدة يتنادى أصر مالها

يقال للذئب والغراب الأصرمان. قال ابن السكيت: لأنهما انصرما من الناس، أي انقطعا. وأنشد للمرار:
على صرماء فيها أصرماهاوخريت الفلاة بها مـلـيل
والصرماء، المفازة التي لا ماء فيها. يضرب لمن أخلاقه تنادي عليه بالشر.

بمثلي تطرد الأوابد

أصل الأوابد الوحش، ثم استعيرت في غيرها. ومنه قول الناس: أتى فلان في كلامه بآبدة، أي بكلمة وحشية. وتأبد المكان توحش. ومعنى المثل: بمثلي تطلب الحاجات الممتنعة.

بال فادر فبال جفره

الفادر، الوعل المسن. وجفره، ولده. ويقال لولد المعز أيضاً جفر وذلك إذا قوي وبلغ أربعة أشهر. يضرب للولد ينسج على منوال أبيه.

بين الحذيا والخلسة

الحذيا، العطية وكذلك الحذية. وكان ابن سيرين إذا عرض عليه رؤيا حسنة قال: الحذيا الحذيا. يعني هات العطية اعبرها لك. والخلسة، اسم المختلس. يضرب لمن يستخرج منه عطاء برفق وتأنق في ذلك كأنه يقول تحذوني أو اختلس.

بقطيه بطبك

التبقيط، التفريق. والبقط، ما سقط وتفرق من التمر عند الصرام. وأصل المثل أن رجلاً أتى عشيقته في بيتها فأخذه بطنه فأحدث في البيت، ثم قال لها: بقطيه بطبك، أي بحذقك وعلمك، أي فرقيه لئلا يفطن له. يضرب لمن يؤمر بأحكام أمر بعلمه ومعرفته.

برق لو كان له مطر

يضرب لمن يؤمر بالأهم.

بما تجوعين ويعرى حرك

يضرب لمن يغني بعد فقر، ثم يفخر بغناه فيقال له هذا القول، أي هذا الغني بدل جوعك وعريك قبل.

بقل شهر وشوك دهر

يضرب لمن يقصر خيره ويطول شره.

بغيت لك ووجدت لي

يضرب للمؤتلفين المتوافقين.

بطني عطري وسائري ذري

قاله رجل جائع نزل بقوم فأمروا الجارية بتطييبه فقال هذا القول. يضرب لمن يؤمر بالأهم.

بئس الردف لا بعد نعم

الردف، الرديف. أنشد ابن الأعرابي:
لا تتبعن نعم لا طـائعـاً أبـداًفإن لا أفسدت من بعد ما نعـم
إن قلت يوماً نعم بدأ فتم بـهـافإن أمضاءها صنف من الكرم
قال المهلب بن أبي صفرة لابنه علد الملك: يا بني إنما كانت وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عامتها عدات أنفذها أبو بكر الصديق رضي الله عنه. فلا تبدأ بنعم فإن موردها سهل ومصردها وعر، وأعلم أن لا وأن قبحت فربما روحت وما قدرت فلا توجب الطمع. وقال سمرة بن جندب: لأن أقول للشيء لا أفعله ثم يبدو لي فأفعله أحب إلي من أن أقول أفعله ثم لا افعله. قال المثقب:
حسن قول نعم من بعـد لاوقبيح قول لا بعد نـعـم
أن لا بعد نعـم فـاحـشةفبلا فابدأ إذا خفت النـدم
وإذا قلت نعم فاصبر لهـابنجاح الوعد أن الخلف ذم

بئس العوض من جمل قيده

وذلك أن راعياً أهلك جملاً لمولاه ثم أتاه بقيده. فقال: بئس العوض الخ

بال حمار فاستبال أحمرة

أي، حملهن على البول. يضرب في تعاون القوم على ما تكرهه.

برئت قائبة من قوب

فالقائبة، البيضة. والقوب، الفرخ. يعني لا عهدة علي. قال أبو الهيثم: القابة الفرخ والقوبة البيضة يقال تقوبت القابة عن قوبها. قلت: أصل القوب الشق والحفر يقال قبت الأرض إذا حفرتها. فمن جعل القائبة البيضة جعل الفعل لها. يعنهي، أنها شقت عن الفرخ وجعل القوب مفعولاً. ومن جعل القابة الفرخ عني أنه الذي قاب البيضة فخرج منها وحذف الياء من القابة كما حذفت من الحاجة، والقوبة على كلا القولين فعلة بمعنى مفعولة كالغرفة من الماء والقبضة من الشيء وأشباههما.

بريء حي من ميت

يضرب عند المفارقة. ومثله قول الخفير، إذا بلغت بك مكان كذا

بيضة البلد

البلد، أدحي النعام والنعام تترك بيضها. يضرب لمن لا يعبأ به. ويجوز أن يراد به المدح، أي هو واحد البلد الذي يجتمع إليه ويقبل قوله؛ وأنشد ثعلب لامرأة ترثي عمرو بن عبد ود حين قتله علي رضي الله عنه:  
لو كان قاتل عمرو غير قاتلـه بكيته ما أقام الروح في جسدي
لكن قاتله مـن لا يعـاب بـه وكان يدعى قديماً ببيضة البلـد

برض من عد

البرض، القليل. والعد، الماء له مادة، أي قليل من كثير

بات بليلة أنقد

وهو القنفد، معرفة لا تدخله الألف واللام. يضرب لمن سهر ليله أجمع.

بئس مقام الشيخ أمرس أمرس

يقال: مرس الحبل يمرس إذا وقع في أحد جانبي البكرة. فإذا أعدته إلى مجراه قلت: أمرسته. وتقدير الكلام، بئس مقام الشيخ المقام الذي يقال له فيه أمرس، وهو أن يعجز عن الاستقاء لضعفه. يضرب لمن يحوجه الأمر إلى ما لا طاقة له به أو يربأ به عنه.

بئت الجبل

قالوا: هي صوت يرجع إلى الصائح ولا حقيقة له. يضرب للرجل يكون مع كل واحد. وإنما أنث فقيل: بنت ذهاباً إلى النتيجة. أي أنها تنتج منه أو إلى الصيحة.

بيت الأدم

يقال: الأدم، جمع أديم. ويقال: هو الأرض. وقالوا: هو بيت الأسكاف، لأن فيه من كل جلد رقعة. يضرب في اجتماع الأشخاص وافتراق الأخلاق وينشد

القوم أخوان وشتى في الشيموكلهم يجمعـه بـيت الأدم
ويروى، الناس وكلهم يجمعهم على أعادة الكناية إلى معنى كل ويجمعه على أعادتها إلى اللفظ. قالوا وبيت الأدم، خباء من أدم. أي يجمعهم على اختلاف ألوانهم وأخلاقهم خباء واحد. يريد أنهم يرجعون فيها إلى أساس واحد وكلهم بنو رجل واحد كما قيل: الأرض من تربة والناس من رجل.

باقعة من البواقع

أي، داهية من الدواهي. وأصله من البقع، وهو اختلاف اللون، ومنه الغراب الأبقع، وسنة بقعاء، فيها خصب وجدب. وفي الحديث: بقعان الشأم. قيل أراد سبي الروم لاختلاط بياضهم وصفرتهم. فسمي الرجل الداهي باقعة، لأنه يؤثر في كل ما يقصد ويتولى. والباقعة، الداهية نفسها لأنها أمر يلصق حتى يرى أثره. وقيل الباقعة طائر حذر إذا شرب الماء نظر يمنة ويسرة. ويضرب للرجل فيه دهاء ومكر.

بيضة العقر

قيل: أنها بيضة الديك، وإنها مما يختبر به عذرة الجارية، وهي بيضة إلى الطول. يضرب للشيء يكون مرة واحدة، لأن الديك يبيض في عمره مرة واحدة. فبما يقال. قال بشار بن برد:
قد زرتني زورة في الدهر واحدةثني ولا تجعليها بـيضة الـديك
قال أبو عبيدة: يقال للبخيل يعطي مرة ثم لا يعود. كانت بيضة الديك. فإن كان يعطي شيئاً ثم قطعه قيل: للمرة الأخيرة كانت بيضة العقر. وقال بعضهم: بيضة العقر، كقولهم بيض الأنوق والأبلق العقوق. يضرب مثلاً لما لا يكون.

بحمد الله لا بحمدك

هذا من كلام عائشة رضي الله عنها حين بشرها النبي صلى الله عليه وسلم بنزول آية الأفك. يضرب لمن يمن بما لا أثر له فيه. والباء، في بحمد الله، من صلة الأقرار. أي أقر بأن الحمد في هذا لله تعالى.

بلغ منه المخنق

وهو، الحنجرة والحلق. أي، بلغ منه الجهد

الخميس، 6 أبريل 2017

بلغ السكين العظم

هذا مثل قولهم: بلغ السيل الزبي

بفيه من سار إلى القوم البري

هذا قيل في رجل سرى إلى قوم وخبرهم بما ساءهم. والبري، التراب. ومنه المثل الآخر: بفيه البري وعليه الدبرى وحمى خيبري وشر ما يرى فإنه خيسري. الدبرى، الهزيمة. والخيسري الخسار. وأراد أنه ذو خيسرى. أي، ذو خسار وهلاك. والغرض من قولهم: بفيه البرى، الخيبة. كما قال:
كلانا يا معاذ نحب لـيلـىبقي وفيك من ليلى التراب
أي، كلانا خائب من وصلها.

ببطنه يعدو الذكر

يقال أن الذكر من الخيل يعدو على حسب ما يأكل، وذلك أن الذكر أكثر أكلاً من الأنثى فيكون عدوه أكثر. ويقال: أن أصله أن رجلاً ولده فقربهم، وأراد الباءة فقالت المرأة: ببطنه يعدو الذكر. وقال أبو زيد: زعموا أن امرأة سابقت رجلاً عظيم البطن فقالت له ترهبه بذلك: ما أعظم بطنك. فقال الرجل: ببطنه يعدو الذكر.

بمثل جارية فلتزن الزانية

هو جارية بن سليط، وكان حسن الوجه، فرأته امرأة فمكنته من نفسها وحملت، فلما علمت به أمها لامتها، ثم رأت الأم جمال ابن سليط فعذرت بنتها وقالت: بمثل جارية فلتزن الزانية سراً أو علانية. يضرب في الكريم يخدمه من هو دونه.

بدا نجيث القوم

أي، ظهر سرهم. واصل النجيث تراب البئر إذا استخرج منها، جعل كناية عن السر. ويقال لتراب الهدف نجيث أيضاً، أي صار سرهم هدفاً يرمى

برح الخفاء

أي، زال. من قولهم ما برح يفعل كذا. أي ما زال. والمعنى، زال السر فوضح الأمر. وقال بعضهم، الخفاء، المتطأطئ من الأرض. والبراح، المرتفع الظاهر. أي صار الخفاء براحاً. وقال:
برح الخفاء فبحت الكتـمـانوشكوت ما ألقى إلى الأخوان
لو كان ما بي هيناً لكتمـتـهلكن ما بي جل عن كتمـان

بكل واد أثر من ثعلبة

هذا من قول ثعلبي رأى من قومه ما يسوءه فانتقل إلى غيرهم فرأى منهم أيضاً مثل ذلك.

بالساعدين تبطش الكفان

يضرب في تعاون الرجلين وتساعدهما وتعاضدهما في الأمر. ويروى، بالساعد تبطش الكف. قال أبو عبيدة: أي إنما أقوى على ما أريد بالمقدرة والسعة وليس ذلك عندي. يضربه الرجل شيمته الكرم غير أنه معدم مقتر. قال: ويضرب أيضاً في قلة الأعوان.

ببطنه يعدو الذكر

يقال أن الذكر من الخيل يعدو على حسب ما يأكل، وذلك أن الذكر أكثر أكلاً من الأنثى فيكون عدوه أكثر. ويقال: أن أصله أن رجلاً ولده فقربهم، وأراد الباءة فقالت المرأة: ببطنه يعدو الذكر. وقال أبو زيد: زعموا أن امرأة سابقت رجلاً عظيم البطن فقالت له ترهبه بذلك: ما أعظم بطنك. فقال الرجل: ببطنه يعدو الذكر.

بعض الشر أهون من بعض

هذا من قول طرفة بن العبد حين أمر النعمان بقتله فقال:
أبا منذر أفنيت فاستبق بـعـضـنـاحنانيك بعض الشر أهون من بعض
يضرب عند ظهور الشرين بينهما تفاوت. وهذا كقولهم: أن من الشر خياراً.

بأذن السماع سميت

يضرب للرجل يذكر الجود ثم يفعله. وتقدير الكلام، بسماع إذن شأنها السماع سميت بكذا وكذا. أي إنما سميت جواداً بما تسمع من ذكر الجود وتفعله. وهذا كقولهم: إنما سميت هانئاً لتهنئ، وأضاف الأذن إلى السماع لملازمتها أياه. والتسمية تكون بمعنى الذكر. كما قال: وسمها أحسن أسمائها. أي واذكرها بأحسن أسمائها. ومعنى المثل: بما سمع من جودك ذكرت وشكرت، يحثه على الجود. قال الأموي: معناه أن فعلك يصدق ما سمعته الأذنان من قولك.

بأبي وجوه اليتامى

ويروى، وا بأبي، يشير بقوله: وا، إلى التوجع على فقدهم، ثم قال: بأبي. أي أفدي بأبي وجوههم. يضرب في التحنن على الأقارب. وأصله أن سعد القرقرة، وهو رجل من أهل هجر، كان النعمان بن الممنذر يضحك منه، وكان للنعمان فرس يقال له اليحموم يردي من ركبه. فقال يوماً لسعد أركبه وأطلب عليه الوحش، فامتنع سعد، فقهره النعمان على ذلك، فلما ركبه نظر إلى بعض ولده وقال هذا القول، فضحك النعمان وأعفاه من ركوبه فقال سعد:
نحن بغرس الودي أعلمـنـامنا بجري الجياد في السلف
يا لهف أمي فكيف أطعنـهمسمسكاً واليدان في العرف
ويروى، بجر الجياد في السدف. ويروى، في السدف والسلف والسدف. فالسدف، الضوء والظلمة أيضاً، والحرف من الأضداد. والسدف، جمع سدفة وهي اختلاط الضوء والظلمة. والسلف، جمع سالف مثل خادم وخدم وحارس وحرس، وهم آباؤه المتقدمون. والسلف، جمع سلفة وهي الدبرة من الأرض. وقوله: أعلمنا، أراد أعلم منا، وهي لغة أهل هجر، يقولون نحن أعلمنا بكذا منا. وأجود هذه الروايات هذه الأخيرة. أعني، في السلف، لأن سعداً كان من أهل الحراثة والزراعة، فهو يقول نحن بغرس الودي في الديار والمشارات أعلم منا بجري الجياد.

بلغ في الغم أطوريه

أي، حديه. يعني أوله وآخره. وكان أبو زيد يقول: بلغ أطوريه، بكسر الراء، على معنى الجمع، أي أقصى حدوده ومنتهاه.

بجنبه فلتكن الوجبة

أي، السقطة. يقال هذا عند الدعاء على الإنسان. قال بعضهم كأنه قال: رماه الله بداء الجنب، وهو قاتل. فكأنه دعا عليه بالموت.

بلغت الدماء الثنن

الثنة الشعرات التي في مؤخر رسغ الدابة يضرب عند بلوغ الشر النهاية كما قالوا بلغ السيل الزبي.

به داء ظبي

أي، أنه لا داء به كما لا داء بالظبي. يقال: أنه لا يمرض إلا إذا حان موته. وقيل: يجوز أن يكون بالظبي داء ولكن لا يعرف مكانه، فكأنه قيل به داء لا يعرف.

بينهم عطر منشم

قال الأصمعي: منشم، بكسر الشين، اسم امرأة عطارة كانت بمكة، وكانت خزاعة وجرهم إذا أرادوا القتال تطيبوا من طيبها، وإذا فعلوا ذلك كثرت القتلى فيما بينهم فكان يقال أشأم من عطر منشم. يضرب في الشر العظيم.

بينهم داء الضرائر

هي، جمع ضرة. وهو، جمع غريب. ومثله كنة وكنائن. يضرب للعداوة إذا رسخت بين قوم، لأن العصبية بين الضرائر قائمة لا تكاد تسكن

بين القرينين حتى ظل مقروناً

أي، نزأ بينهما حتى صار مثلهما. يضرب لمن خالط أمراً لا يعنيه حتى نشب فيه.

الثلاثاء، 4 أبريل 2017

بعد اللتيا والتي

هما الداهية الكبيرة والصغيرة. وكنى عن الكبيرة بلفظ التصغير تشبيهاً بالحية، فإنها إذا كثر سمها صغرت، لأن السم يأكل جسدها. وقيل الأصل فيه أن رجلاً من جديس تزوج امرأة قصير فقاسى منها الشدائد، وكان يعبر عنها بالتصغير، فتزوج امرأة طويلة فقاسى منها ضعف ما قاس من الصغيرة، فطلقها وقال: بعد اللتيا والتي لا أتزوج أبداً. فجرى ذلك منهم 

بين الممخة والعجفاء

يقال: شاة ممخة، إذا بدا في عظامها المخ. يضرب مثلاً في الاقتصاد.

بين العصا ولحائها

اللحاء القشر. يضرب للمتحابين شقيقين. ويروى: لا مدخل بين العصا ولحائها ولا تدخل بين وكله. إشارة إلى غاية القرب بينهما.

بيتي يبخل لا أنا

قالته امرأة سئلت شيئاً تعذر وجوده عندها، فقيل لها: بخلت فقالت: بيتي يبخل لا أنا.

بعلة الورشان يأكل رطب المشان

بالإضافة، ولا تقل المشان، وهو نوع من التمر يقولون أنه يشبه الفأر شكلاً. يضرب لمن يظهر شيئاً والمراد منه شيء آخر.

بعد خيرتها تحتفظ

ويروى، بعد خيراتها، والهاء، راجعة إلى الإبل، أي بعد إضاعة خيارها تحتفظ بحواشيها وشرارها. يضرب لمن يتعلق بقليل ماله بعد إضاعة أكثره.

باءت عرار بكحل

يقال: هما بقرتان انتطحتا فماتتا جميعاً. وعرار، مبني على التكسر مثل قطام. يضرب لكل مستويين يقع أحدهما بإزاء الآخر. يقال: كان كثير ابن شهاب الحارثي ضرب عبد الله بن الحجاج الثعلبي، من بني ثعلبة بن ذبيان، بالري فلما عزل كثير أقيد منه عبد الله فهتم فاه. وقال:
باءت عرار بكحل فيما بينناوالحق يعرفه أولو الألباب

بصبصن إذ حدين بالأذناب

البصبصة، التحريك. أي حركت الإبل أذنابها لما حدين. يضرب مثلاً في الخضوع والطاعة من الجبان. و الباء، في بالأذناب، مقحمة

بلغ السيل الزبى

هي جمع زبية، وهي حفرة تحفر للأسد إذا أرادوا صيده. وأصلها الرابية لا يعلوها الماء فإذا بلغها السيل كان جارفاً مجحفاً. يضرب لما جاوز الحد. قال المؤرج: حدثني سعيد بن سماك بن حرب عن أبيه عن ابن المعتمر قال: أتي معاذ بن جبل بثلاثة نفر قتلهم أسد في زبية، فلم يدر كيف يفتيهم، فسأل علياً رضي الله عنه، أن للأول ربع الدية، وللثاني النصف، وللثالث الدية كلها. فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقضائه فيهم فقال: لقد أرشدك الله للحق.

برد غداة غر عبداً من ظماء

هذا قيل في عبد سرح الماشية في غداة باردة، ولم يتزود فيها الماء، فهلك عطشاً. ومن، في قوله، من ظما، صلة غر. يقال من غرك من فلان، أي من أوطأك عشوة من جهته، يعني أن البرد غره من أهلاك الظما إياه فاغتر. ويجوز أن يكون التقدير غر عبداً من فقد ظما. أي قدر في نفسه أنه يفقد الظمأ فلا يظمأ. يضرب في الأخذ بالحزم

برق لمن لا يعرفك

أي، هدد من لا علم له بك فإن من عرفك لا يعبأ بك. والتبريق، تحديد النظر. ويروى: برقي، بالتأنيث، يقال: برق عينيه تبريقاً إذا أوسعهما كأنه قال برق عينيك، فحذف المفعول. ويجوز أن يكون من قولهم: رعد الرجل وبرق، إذا أوعد وتهدد وشدد أرادة التكثير. أي كثر وعيدك لمن لا يعرفك.

بدل أعور

قيل إن يزيد بن المهلب لما صرف عن خراسان بقتيبة بن مسلم الباهلي، وكان شحيحاً، أعور، قال الناس: هذا بدل أعور. فصار مثلاً لكل من لا يرتضي بدلاً من الذاهب. وقد قال فيه بعض الشعراء:
كانت خراسان أرضاً إذا يزيد بهاوكل باب من الخيرات مفتـوح
حتى أتانا أبو حفص بأسـرتـهكأنما وجهه بالخل منـضـوح

بق نعليك وأبذل قدميك

يضرب عند الحفظ للمال وبذل النفس في صونه.

ببقة صرم الأمر

ببقة، موضع بالشام. وهذا القول قاله قصير بن سعد اللخمي لجذيمة الأبرش حين وقع في يد الزباء. والمعنى: قطع هذا الأمر هناك، يعني لما أشار عليه أن لا يتزوجها فلم يقبل جذيمة قوله. وقد أوردت قصة الزباء وجذيمة في باب الخاء عند قوله: خطب يسير في خطب كبير.

به لا بكلب نابح بالسباسب

به لا بكلب نابح بالسباسب

به لا بظبي أعفر

الأعفر، الأبيض، أي لتنزل به الحادثة لا بظبي. يضرب عند الشماتة. قاله الفرزدق حين نعي إليه زياد بن أبيه فقال:
أقول له لما أتاتنـي نـعـيهبه لا بظبي بالصريمة أعفرا

بيدين ما أوردها وردها زائدة

بيدين، أي بالقوة والجلادة. يقال: ما لي به يد وما لي به يدان. أي قوة، وما، صلة، وزائدة، اسم رجل. يريد بالقوة والجلادة أورد إبله الماء لا بالعجز. ويجوز أن يريد بقوله بيدين أنه أضبط يعمل بكلتا يديه. يضرب في الحث على استعمال الجد.

الأحد، 2 أبريل 2017

المولدون

"إنه لضيق الحوصلة إن لم تراحم لم يقع في الخرج شيء" "إن للحيطان آذاناً إنما السلطان سوق إن ليتاً وإن لوا عناء" "إن استوى فسكين وإن اعوج فمنجل" يضرب في الأمر ذي الوجهين المحمودين.
"إذا أراد الله هلاك النملة أنبت لها جناحين" "إذا قال المجنون سوف أرميك فأعد له رفادة" "إذا ذكرت الذئب فأعد له العصا" "إذا لم ينفعك البازي فانتف ريشه" "إذا تمنيت فاستكثر إذا ذكرت الذئب فألتفت" "إذا شاورة العاقل صار عقله لك" "إذا افتقر اليهودي نظر في حسابه العتيق" "إذا تعود السنور كشف القدور فأعلم أنه لا يصبر عنها" "إذا جاء أجل البعير حام حول البير" "إذا دخلت قرية فأحلف بأهلها" "إذا لم يكن لك أست فلا تأكل الهليلج" "إذا تخاصم اللصان ظهر المسروق" "إذا وجدت القبر مجاناً فأدخل فيه" "إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل" "إذا تفرقت الغنم قادتها العنز الجرباء" يضرب في الحاجة إلى الوضيع.
"إذا عاب البزاز ثوباً فأعلم أنه من حاجته" "إذا كذب القاضي فلا تصدقه" "إذا أردت أن تطاع ففسل ما يستطاع" "إنما يخدع الصبيان بالزبيب" "إن البيان لدى الطبيب" "إن الأسد ليفترس العير فإذا أعياه صاد الأرنب" "إذا أصطلح الفأرة والسنور خرب دكان البقال" يضرب في تظاهر الخائنين.
"إذا رزقك الله مغرفة فلا تحرق يدك" يضرب لمن كفي بغيره.
"إن الندى حيث ترى الضغاط" أي، الزحام.
"إن يكن الشغل مجهدة فإن الفراغ مفسدة"
إن غلا اللحم فالصبر رخيصإياك والعينة فإنهـا لـعـينة
قاله: المهلب. قال: ولقد تعينت مرة أربعين درهماً فلم أتخلص منها إلا بولاية البصرة.
"إذا صدئ الرأي صقلته المشورة" "إذا قدم الإخاء سمج الثناء إلى كم سكباج" يضرب عند التبرم.
"إذا لم تجده كم تجلده" "إذا طرت فقع قريباً" "إذا ضافك مكروه فاقره صبراً" "إذا كنت سنداناً فاصبر وإن كنت مطرقة فأوجع" يضرب في مداراة الخصم حتى تظفر به.
"إذا احتاج الزق إلى الفلك فقد هلك" الفلك، جمع فلكة فحركت للإزدواج. يضرب للكبير يحتاج إلى الصغير.
"إلى أن يجيء الترياق من العراق مات الملسوع" "إذا ضربت فأوجع فإن الملامة واحدة" يضرب في الحث على المبالغة.
"إذا رأيت السكران يشم الرمان فاعلم أنه يريد أن يزله" "إنه يسر حسواً في ارتغاء" "أم الكاذب بكر" يضرب لمن حدث بالمحال.
"أمة على حدة في المدح" "إن الأيادي قروض" "الإمارة حلوة الرضاع مرة الفطام" "أي يوم لك مني" يضرب لمن أصابك من جهة سوء.
"أنا لها ولكل عظيمة" "أول الدن دردي" "أنت سعد ولكن سعد الذابح" "أي قميص لا يصلح للعريان" "أي طعام لا يصلح للغرثان" "أول الحجامة تحدير القفا" "أي عشق باختيار" "ألية في برية ما هي إلا لبلية" "إيش في تبت من طرد الشياطين" "أنا أذكره ونصفه طين" "إيش في الضرطة من هلاك المنجل" يضرب في تباعد الكلام من جنسه. وأصله أن امرأة ضرطت عند زوجها، فلامها زوجها. فقالت: وأنت ضيعت منجلاً. فقال: إيش في الضرطة من هلاك المنجل.

آنس من الطيف ومن الحمى

قلت: وقد أورد حمزة هذا الحرف، أعني، آنس في باب النون وليس بالوجه.

آلف من الحمى آكل من معاوية ومن الرحى

وقال الشاعر:
وصاحب لي بطنه كالهاويةكأن في أمعائه معـاوية
وقال آخر:
ومعدة هاضمة للصـخـركأنما في جوفها ابن صخر

آنس من حمى الغين

قالوا: الغين، موضع وأهله يحمون كثيراً. ويقولون أيضاً:


آلف من غراب عقدة

وهي، أرض كثيرة النخل لا يطير غرابها. هذا قول محمد بن حبيب. وقال ابن الأعرابي: كل أرض ذات خصب عقدة. فعلى هذا يجب أن تكون عقدة بالخفض والتنوين. والعقدة من الكلا ما يكفي الإبل. وعقدة الدور والأرضين من ذلك، لأن فيها البلاغ والكفاية. وعقد كل شيء أحكامه. ويقولون

آمن من حمام مكة

فمن الأمن، لأنها لا تثار ولا تهاج قال: شاعر الحجاز، وهو النابغة: والمؤمن العائذات الطير يمسحها ركبان مكة بين الغيل والسند ويقولون:

آمن من ظبي الحرم ومن الظبي بالحرم

آمن من الأرض

من الأمانة، لأنها تؤدي ما تودع. ويقال: أكتم من الأرض وأحمل واحفظ من الأرض ذات الطول والعرض. وأما قولهم:

وآكل من لقمان

يعنون لقمان العادي. زعموا أنه كان يتغدى بجزور ويتعشى بجزور وهذا من أكاذيب العرب.

آكل من الفيل وآكل من النار

آكل من الفيل وآكل من النار


آكل من ضرس

فربما قالوا: من ضرس جائع. ويقولون:

آكل من السوس

فقد قالوا في مثل آخر: العيال سوس المال. وقيل لخالد بن صفوان بن الأهتم: كيف إبنك? فقال: سيد فتيان قومه ظرفاً وأدباً. فقيل: كم ترزقه في كل شهر? قال: ثلاثين درهماً. فقيل: وأين يقع منه ثلاثون درهماً هلا تزيد وأنت تستغل ثلاثين ألفاً. فقال: الثلاثون أسرع في هلاك مالي من السوس في الصوف بالصيف. فحكى كلامه للحسن فقال: ما أشهد أن خالداً تميمي لرشده. وإنما قال الحسن ذلك لأن بني تميم معروفون بالبخل والنهم. وأما قولهم:

آكل من حوت

قال حمزة أنهم قالوا آكل من حوت، ولم يقولوا أشرب من حوت، ولكن قد قالوا أروى من حوت. قال وأما قولهم:

آبل من مالك بن زيد مناة

هو سبط تميم بن مرة. وكان يتحمق إلا أنه كان آبل أهل زمانه ثم أنه تزوج وبنى بامرأته فأورد الإبل أخوه سعد ولم يحسن القيام عليها والرفق بها فقال مالك.
أوردها سعد وسعد مشتملما هكذا تورد يا سعد الأبل
فأجدابه سعد وقال:
تظل يوم وردها مـزعـفـراوهي خناطيل تجوس الخضرا

آبل من حنيف الحناتم

هو رجل من بني تيم اللات بن ثعلبة وكان ظمئ أبله غبا بعد العشر. وأظماء الناس غب وظاهرة. والظاهرة، أقصر الأظماء، وهي أن ترد الإبل الماء في كل يوم مرة. ثم الغب، وهي أن ترد الماء يوماً وتغب يوماً. والربع، أن ترد يوماً ويومين لا وترد في اليوم الرابع، وعلى هذا القياس إلى العشر. قالوا ومن كلام حنيف الدال على إبالته قوله: من قاظ الشرف وتربع الحزن وتشتى الصمان فقد أصاب المرعي فالشرف في بلاد بني عامر والحزن من زبالة مصعداً في بلاد نجد والصمان في بلاد بني تميم.

ما جاء على إفعل من هذا الباب

أعلم أن لأفعل إذا كان للتفصيل ثلاثة أحوال، الأول: أن يكون معه. من نحو، زيد أفضلا من عمرو. والثاني: أن تدخل عليه الألف واللام. نحو: زيد الأفضل. والثالث: أن يكون مضافاً. نحو: زيد أفضل القوم وعمرو أفضلكم. فإذا كان مع من، استوى فيه الواحد والتثنية والجمع والمذكر والمؤنث. تقول: زيد أفضل منك، والزيدان أفضل منك، والزيدون أفضل منك، وكذلك هند افضل من دعد، والهندان أفضل، والهندات أفضل. قال الله تعالى: "هؤلاء بناتي هن أطهر لكم". وإنما كان كذلك، لأن تمامه بمن، ولا يثني الاسم ولا يجمع ولا يؤنث قبل تمامه، ولهذا لا يجوز أن تقول: زيد أفضل، وأنت تريد من الأخر، إذا دلت الحال عليه، فحينئذ أن أضمرته جاز. نحو قولك: زيد أفضل من عمرو وأعقل، تريد واعقل منه، وعلى هذا قوله تعالى: "يعلم السر وأخفى". أي وأخفى من السر، ما أسررت في نفسك. و أخفى منه، ما لم تحدث به نفسك مما يكون في غد علم الله فيهما سواء، فحذف الجار والمجرور، لدلالة الحال عليه. وكذلك، "هن أطهر لكم"، أي من غيرها. وإذا كان مع الألف واللام ثني وجمع وأنث. تقول: زيد الأفضل، والزيدان الأفضلان، والزيدون الأفضلون. وإن شئت الأفاضل، وهند الفضلى، وهندان الفضليان، والهندات الفضليات، وإن شئت الفضل، قال تعالى: "إنها لإحدى الكبر". والألف واللام تعاقبان من، فلا يجوز الجمع بينهما. لا يقال زيد الأفضل من عمرو. ولا يستعمل فعلى التفضيل إلا بالألف واللام. لا يقال جاءتني فضلى. وقد غلطوا أبا نواس في قوله:
كأن صغرى وكبرى من فواقعهـاحصباء در على أرض من الذهب
وإنما استعمل من هذا القبيل أخرى. قال الله تعالى: "ومنها نخرجكم تارة أخرى". وقالوا: دنيا، في تأنيث الأدنى. ولا يجوز القياس عليهما: قال الأخفش: قرأ بعضهم: "وقولوا للناس حسنى". وذلك لا يجوز عند سيبويه وسائر النحويين. وإذا كان أفعل مضافاً ففيه وجهان. أحدهما أن يجري مجراه إذا كان معه من فيستوي فيه التثنية والجمع والتذكير والتأنيث. تقول زيد أفضل قومك، والزيدان أفضل قومك، والزيدون أفضل قومك، وهند أفضل بناتك، والهندان أفضل بناتك، والهندات افضل بناتك. وهذا الوجه شائع في النثر والشعر. قال الله تعالى: "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة. ولم يقل، أحرصي، وقال ذو الرمة:
ومية أحسن الثقلين جيداًوسالفة وأحسبته قذالا
ولم يقل حسنى الثقلين نولا حسناه. وقال جرير:
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك بهوهن أضعف خلق الله إنسـانـاً
 وعلى هذا قول الناس: أولى النعم بالشكر وأجل النعم عندي كذا وكذا. والوجه الثاني في إضافته، أن يعتبر فيه حال دخول الألف واللام فيثنى ويجمع ويؤنث. فيقال: زيد أفضل قومك، والزيادا أفضلا قومك، والزيدون أفضلو قومك، وهند فضلى بناتك، والهندان فضليا بناتك، والهندات فضليات بناتك. فهذه الأحوال الثلاثة أثبتها مستقصاة. ومن شرط أفعل هذا أن لا يضاف إلا إلى ما هو بعض منه. كقولك زيد أفضل الرجال، وهند أفضل النسا. ولا يجوز على الضد، ولهذا لا يجوز، زيد أفضل أخوته، لأن الإضافة تخرجه من جملتهم. ويجوز، زيد أفضل لإخوته. والإضافة في جميع هذا ليست بمعنى اللام، ولا بمعنى من، جاز أن تقول: الرجال أفضل القوم. كان زيد واحداً منهم. وإذا قلت: زيد أفضل من القوم. كان خارجاً من جملتهم. فهذا هو الفرق بين اللفظين. ومن شرطج أفعل هذا أيضاً، أن يكون مصوغاً من فعل ثلاثي. نحو: زيد أفضل وأكرم وأعلم من عمرو. وذلك أن بعض ما زاد على ثلاثة أحرف يمتنع أن يبنى منه أفعل نحو: دحرج واستخرج وتدحرج وتخرج وأشباها. وبعضه يؤدي إلى اللبس. كقولك: زيد أكرم وأفضل وأحسن من غيره، وأنت تريد بها الزيادة في الأفضال والأكرام والإحسان، فأتوا بما يزيل اللبس والامتناع، وهو أنهم بنوا من الثلاثي لفظاً ينبئ عن الزيادة، وأوقعوه على مصدر ما أرادوا تفضيله فيه فقالوا: زيد أكثر إفضالاً وإكراماً وأعمإ، حساناً وأشد استخراجاً وأسرع انطلاقاً، وما أشبه ذلك. ولا يبنى أفعل من المفعول إلا في الندرة. نحو قولهم: أشغل من ذات النحيين، وأشهر من الأبلق، والعود أحمد، ومنا أشبهها، وذلك أن المفعول لا تأثير له في الفعل الذي يحل به حتى يتصور فيه الزيادة والنقصان. وكذلك حكم ما كان خلقه، كالألوان والعيوب. لا تقول: زيد أبيض من عمرو؛ ولا أعور منه، بل تقول أشد بياضاً، وأقبح عواً. لأن هذه الأشياء مستقرة في الشخص ولا تكاد تتغير فجرت مجرى الأعضاء الثابتة التي لا معنى للفعل فيها. نحو: اليد والرجل. لا تقول: زيد أيدي أبيض من عمرو؛ ولا أعور منه، بل تقول أشد بياضاً، وأقبح عوراً. لأن هذه الأشياء مستقرة في الشخص ولا تكاد تتغير فجرت مجرى الأعضاء الثابتة التي لا معنى للفعل فيها. نحو: اليد والرجل. لا تقول: زيد أيدي من عمرو، ولا فلان أرجل من فلان. قال الفراء: إنما ينظر في هذا إلى ما يجوز أن يكون أقل أو أكثر، فيكون أفعل دليلاً على الكثرة والزيادة، ألا ترى أنك تقول: زيد أجمل من فلان، إذا كان جماله يزيد على جماله. ولا تقول للأعميين: هذا أعمى من ذاك. فأما قوله تعالى: ومن كان في هذه أعمى. فإنما جاز ذلك لأنه من عمى القلب. تقول: عمي يعمي عمى فهو عم، وأعمى، وهم عمون وعمي وعميان. قال الله تعالى: بل هم منها عمون. وقال تعالى: "صم بكم عمي". وقال: لم يخروا عليها صماً وعمياناً. فالأول في الآية اسم. والثاني تفضيل، أي من كان في هذه، يعني في الدنيا، أعمى القلب عما يرى من قدرة الله في خلق السموات والأرض وغيرها مما يعانيه فلا يؤمن به، فهو عما يغيب عنه من أمر الآخرة أعمى أن يؤمن به، أي أشد عمى. ويدل على هذا قوله تعالى: "وأضل سبيلاً". وقرأ أبو عمرو. ومن كان في هذه أعمى، بالإمالة، فهو في الآخرة أعمى، بالتفخيم. أراد أن يفرق بين ما هو اسم، وبين ما هو أفعل منه بالإمالة وتركها. وكل ما كان على أفعل صفة لا يبنى منه أفعل التفضيل. نحو قولهم: فلان أحمق من كذا. فهو من الحمق. لأنه يقال، رجل حمق، كما يقال، رجل أحمق. ومنه قول يزيد بن الحكم:
قد يقتر الحول التقيويكثر الحمق الأثيم
وكذلك قوله تعالى: "فهو في الآخرة أعمى". من قولك: هذا أعمى وهذا أعمى منه. وحكم ما أفعله وأفعل به في التعجب، حكم أفعل في التفضيل في أنه أيضاً لا يبنى إلا من الثلاثي. ولا يتعجب من الألوان والعيوب إلا بلفظ مصوغ من الفعل الثلاثي، كما تقدم، فلا يقال: ما أعوره ولا ما أعرجه. بل يقال: ما أشد عوره وأسوأ عرجه وما أشد بياضه وسواده. وقل من قال: أبيض من أخت بني أباض.
وقول الآخر:
أما الملوك فأنت اليوم الأمهملؤماً وأبيضهم سربال طباخ
محمولان على الشذوذ. وكذلك قولهم: ما أعطاه، وما أولاه للمعروف، وما أحوجه. يريدون ما أشد احتياجه. على أن بعضهم قال: ما أحوجه، من حاج يحوج حوجاً، أي احتاج. وقال بعضهم: إنما فعلوا هذا بعد حذف الزيادة ورد الفعل إلى الثلاثي. وهذا وجه حسن. وحكم أفعل به في التعجب حكم ما أفعله. لا يقال أعور به كما لا يقال ما أعوره بل يقال أشدد بعوره. ويستوي في لفظ أفعل به المذكر والمؤنث التثنية والجمع. تقول: يا زيد أكرم بعمرو ويا هند أكرم بزيد ويا رجلان أكرم ويا رجال أكرم، كما كان في ما أحسن زيداً وما أحسن هنداً وما أحسن الزيدين وما أحسن الهندات. كذلك قال أبو عبد الله حمزة ابن الحسن في كتابه المعنون، بأفعل ، حاكياً عن المازني أنه قال: قد جاءت أحرف كثيرة مما زاد فعله على ثلاثة أحرف فأدخلت العرب عليه التعجب قالوا ما اتقاه لله وما أنتنه وما أظلمها وما أضوأها وللفقير ما أفقره وللغني ما أغناه، وإنما يقال في فعلهما افتقر واستغنى، وقالوا للمستقيم ما أقومه وللمتمكن عند الأمير ما أمكنه وقالوا ما أصوبه وهذا على لغة من يقول صاب بمعنى أصاب وقالوا ما أخطأه لأن بعض العرب يقولون خطئت في معنى أخطأت. وقال: "يا لهف هند إذا خطئن كلاهما" وقالوا ما أشغله وإنما يقولون في فعله شغل وما أزهاه وفعله شغل وما أزهاه وفعله زهي. وقالوا ما آبله، يريدون، ما أكثر إبله. وإنما يقولون تأبلاً إبلاً، إذا اتخذها. وقالوا ما أبغضه لي وما أحبه إلي وما أعجبه برأيه. وقال بعض العرب: ما إملأ القربة. ما حكاه عن الماغزني. ثم قال وقال أبو الحسن الأخفش: لا يكادون يقولون في الأرسح ما أسحه ولا في الأسته ما أستهه. قال: وسمعت منهم من يقول: رسح وسته فهؤلاء يقولون ما أرسحه وما أسته. قلت: في بعض هذا الكلام نظر. وذلك أن الحكم، بأن هذه الكلمات كلها من المزيد فيه، غير مسلم. لأن قولهم: ما أتقاه لله، يمكن أن يحمل على لغة من يقول: تقاه يتقيه، بفتح التاء، من الميتقبل، وسكونها. حتى قد قالوا أتقي الأتقياء. وبنوا منه تقي يتقي، مثل، سقى يسقى. إلا أن المستعمل تحريك التاء من يتقي، وعليه ورد الشعر، كما قال:
زيادرتنا نعمان لا تنسـينـهـاتقي الله فينا والكتاب الذي تتلو
وقال آخر:
ولا اتقي الغيور إذا رآنـيومثلي لزبا لحمس الربيس
فلما وجدوا الثلاثي منه مستعملاً بنوا عليه فعل التعجب، وبنوا منه فعيلاً كالتقي، وقالوا منه على هذه القضية، ما اتقاه لله، وقولهم، ما أنتنه، إنما حملوه على أنه من باب نتن ينتن نتناً وهي لغة في أنتن ينتن. فمن قال نتن قال في الفاعل منتن، ومن قال منتن بناه على أنتن. هذا قول أبي عبيد عن أبي عمرو. وقال غيسره: منتن في الأصل منتين فحذفوا المدة فقالوا منتن والقياس أن يقولوا نتن فهو ناتن أو نتين ولو قالوا نتن فهو نتن على قياس صعب فهو صعب، كان جائزاً. وقولهم: ما أظلمها وأضوأها، من هذا القبيل أيضاً، لأن ظلم يظلم ظلمة لغة في أظلم وكذلك ما أضوأها يعنون الليلة إنما هو من ضاء يضوء ضوءاً أو ضواء وهي لغة في أضاء يضيء إضاءة. وإذا كان الأمر على ما ذكرت كان التعجب على قانونه. وأما قوله قاوا للفقير ما أفقره فيجوز أن يقال أنهم لما وجدوه على فعيل توهموه من باب فعل، بضم العين، مثل صغر فهو صغير، وكبر فهو كبير، أو حملوه على ضده فقدروه من باب فعل بكسر العين كغني فهو غني كما حملوا عدوة الله على صديقة وذلك من عادتهم أن يحملوا الشيء على نقيضه كقوله:
إذا رضيت علي بنو قشيرلعمر الله أعجبني رضاها


فوصل رضيت بعلي لأنهم قالوا في ضده سخط علي، ومثل هذا موجود في كلتامهم. أو حملوه على فعيل بمعنى مفعول فقد قالوا: إنه المكسور الفقار. وإذا حمل على هذا الوجه كان في الشذوذ مثله إذا حمل افتقر. وأما قولهم: ما أغناه، فهو على النهج الواضح لأنه من قولهم غني يغنى غني فهو غني، فلا حاجة بنا إلى حمله على الشذوذ. وأما قولهم للمستقيم ما أقومه فقد حملوه على قولهم شيء قويم، أي مستقيم، وقام بمعنى استقام صحيح. قال الراجز وقال ميزان النهار فاعتدل. ويقولون دينار قائم، إذا لم يزد على مثقال ولم ينقص، وذلك لاستقامة فيه، فعلى هذا الوجه ما أقومه غير شاذ. وقولهم للمتمكن عند الأمير ما أمكنه. إنما هو من قولهم: فلان مكين عند فلان وله مكانة عنده أي منزلة. فلما رأوا المكانة، وهي من مصادر فعل، بضم العين، وسمعوا المكين، وهو من نعوت هذا الباب. نحو كرم فهو كريم وشرف فهو شريف. توهموا أنه من مكن مكانة فهو مكين. مثصل متن متانة فهو متني. فقالوا: ما أمكنه! وفلان أمكن من فلان. وليس توهمهم هذا بأغرب من توهمهم الميم في التمكن والإمكان والمكانة والمكان وما اشتق منها أصلية. وجميع هذا من الكون وهذا كما أنهم توهموا الميم في المسكين أصلية فقالوا تمسكن، ولهذا نظائر. وأما قولهم ما أصوبه على لغة من يقول صاب، يعني أصاب. ولم يزيدوا على هذا فإني أقول هذا اللفظ، أعني لفظ صاب، مبهم لا ينبئ عن معنى واضح. وذلك أن صاب يكون من صاب المطر يصوب صوباً، إذا نزل. وصاب السهم يصوب صيبوبة، إذا قصد، ولم يجر. وصاب السهم القرطاس، يصيبه صيباً لغة في أصاب. ومنه المثل: مع الخواطيء سهم صائب. فإن أرادوا بقولهم صاب هذا الأخير كان من حقهم أن يقولوا ما أصيبه لأنه يائي. وأن أرادوا بقولهم أصاب، أي أتى بالصواب من القول، فلا يقال فيه صاب يصيب. ومإما قوله قالوا ما أخطأه لأن بعض العرب يقول خطئت في معنى أخطأت فهو على ما قال. وأما ما أشغله فلا ريب في شذوذه لأنه أن حمل على الاشتغال كان شاذاً، وإن حمل على أنه من المفعول فكذلك. وأما ما أزهاه وحمله على الشذوذ من قولهم زهى فهو مزهو فإن ابن دريد قال يقال زها يزهو زهواً أي تكبر. ومنه قولهم ما أزهاه وليس هذا من زهى لبأن ما لم يسم فاعله لا يتعجب منه. هذا كلامه. وأمر آخر وهو أن بين قولهم ما أشغله وما أزهاه إذا حمل على زهو فرقاً ظاهراً، وذلك أن المزهو وأن كان مفعولاً في اللفظ فهو في المعنى فاعل لأنه لم يقع عليه فعل من غيره كالمشغول الذي شغله غيره، فلو حمل ما أزهاه على التعجب من الفاعل المعنوي لم يكن بأس. وأما قولهم ما آبله أي ما أكثر إبله ثم قوله وإنما يقولون تأبل إبلاً إذا اتخذها ففي كل واحد منهما خلل. وذلك أن قولهم ما آبله ليس من الكثير في شيء إنما هو تعجب من قولهم أبل الرجل يأبل إبالة مث لشكس شكاسة فهو أبل وآبل أي حاذق بمصلحة الأبل. وفلان آبل الناس، أي من أشدهم تأنقاً في رعية الإبل وأعلمهم بها، فقولهم ما آبله معناه ما أحذقه وأعلمه بها. وإذا صح هذا فحمله ما آبله على الشذوذ سهو، ثم حمله على معنى كثر عنده الإبل سهو ثان. وقوله تأبل أي اتخذ إبلاً سهو ثالث. وذلك أن التأبل لفا هو امتناع الرجل من غشيان المرأة ومنه الحديث: لقد تأبل آدم على ابنه المقتول كذا عاماً. وتأبلت الإبل، اجتزئت بالرطب عن الماء والصحيح في اتخاذ الإبل واقتنائها قول طفيل الغنوي:
فأبل واسترخى به الخطب بعدماأساف ولولا سعينا لـم يؤبـل
 أي لم يكن صاحب إبل، ولا اتخذها قنوة. وقوله ما أبغضه لي، ويروى ما بغضه إلي. وبين الروايتين فرق بين. وذلك أن ما أبغضه لي يكون من المبغض، أي ما أشد إبغاضه لي. وما أبغضه إلي يكون من البغيض بمعنى المبغض أي ما اشد إبغاضي له. وكلا الوجهين شاذ. وكذلك ما أحبه إلي. أن جعلته من حببته أحبه فهو حبيب ومحبوب، كان شاذاَ. وإن جعلته من أحببته فهو محب، فكذلك. وقولهم ما أعجبه برأيه هو من الإعجاب لا غير، يقال أعجب فلان برأيهن على ما لم يسم فاعله، فهو معجب. وأما قول بعض العرب، ما املأ القربة. فهو أن حملته على الامتلاء أو على المملوء، كان شاذاً. وأما قول الأخفش لا يكادون يقولون في الأرسح ما أرسحه ولا في الأسته ما أستهه فكلام مستقيم لأنه من العيوب والخلق. وقد تقدم هذا الحكم. قال: وسمعت منهم من يقول رسح وسته فهؤلاء يقولون ما أرسحه وما أستهه. قلت: أنهم إذا بنوا من فعل يفعل صفة على فعل قالوا في مؤنثه فعلة نحو أسف فهو أسف والمرأة اسفة وسحاب نمر وللمؤنث نمرة ولم يسمع امرأة رسحة ولا ستهة بل قالوا رسحاء وستهاء. فهذا يدل على أن المذكر أرسح وأسته. هذا وقد شذا حرف يسيرة في كتابي هذا عن باب افعل من كذا، وكان من حقها أن تكون فيه نحو من قولهم أقبح هزيلين المرأة والفرس وأسوأ القول الإفراط وأشباههما لكنها، لما زلت عن أماكنها، تجوزت فيها إذا لم تكن مقرونة بمن كما تجوز همزة في إيراد قولهم أكذب من دب ودرج وأعلم بمنبت القصيص وأسد قوي سهماً في أفعل كذا. ولا شك أن الجميع في حكم افعل التفضيل.

أخر البز على القلوص

البز، الثياب. والقلوص، الأنثى من الإبل الشابة. وهذا المثل مذكور في قصة الزباء في حرف الخاء.

أنا ابن كديها وكدائها

وكدي وكداء، جبلان بمكة. والهاء راجعة إلى مكة، أو إلى الأرض. وهذا مثل يضربه من أراد الافتخار على غيره.

إن الرأي ليس بالتظني

يضرب في الحث على التروية في الأمر.

إنه ديس من الديسة

أصل ديس دوس من الدروس والدياسة، أي أنه يدوس منه ينازله. يضرب للرجل الشجاع. وبني قوله، من الديسة؛ على قوله، ديس، وإلا فحقه الواو.

إن دون الطلمة خرط قتاد هوبر

الطلمة، الخبزة تجعل في الملة، وهي الرماد الحار. وهو بر، مكان كثير القتاد. يضرب للشيء الممتنع.

أخذني بأطير غيري

الأطير، الذنب. قال مسكين الدارمي:
اتضربني بأطير الرجالوكلفتني ما يقول البشر

إذا أعياك جاراتك فعوكي على ذي بيتك

قاله رجل لامرأته، أي إذا أعياك الشيء من قبل غيرك فاعتمد على ما في ملكك. وعوكي، معناه اقبلي.

إن الهوى شريك العمى

هذا مثل قولهم: حبك الشيء يعمي ويصم.

أين بيتك فتزاري

يضرب لمن يبطئ في زيارتك.

أكلتم تمري وعصيتم أمري

أكلتم تمري وعصيتم أمري