الأحد، 2 أبريل 2017

ما جاء على إفعل من هذا الباب

أعلم أن لأفعل إذا كان للتفصيل ثلاثة أحوال، الأول: أن يكون معه. من نحو، زيد أفضلا من عمرو. والثاني: أن تدخل عليه الألف واللام. نحو: زيد الأفضل. والثالث: أن يكون مضافاً. نحو: زيد أفضل القوم وعمرو أفضلكم. فإذا كان مع من، استوى فيه الواحد والتثنية والجمع والمذكر والمؤنث. تقول: زيد أفضل منك، والزيدان أفضل منك، والزيدون أفضل منك، وكذلك هند افضل من دعد، والهندان أفضل، والهندات أفضل. قال الله تعالى: "هؤلاء بناتي هن أطهر لكم". وإنما كان كذلك، لأن تمامه بمن، ولا يثني الاسم ولا يجمع ولا يؤنث قبل تمامه، ولهذا لا يجوز أن تقول: زيد أفضل، وأنت تريد من الأخر، إذا دلت الحال عليه، فحينئذ أن أضمرته جاز. نحو قولك: زيد أفضل من عمرو وأعقل، تريد واعقل منه، وعلى هذا قوله تعالى: "يعلم السر وأخفى". أي وأخفى من السر، ما أسررت في نفسك. و أخفى منه، ما لم تحدث به نفسك مما يكون في غد علم الله فيهما سواء، فحذف الجار والمجرور، لدلالة الحال عليه. وكذلك، "هن أطهر لكم"، أي من غيرها. وإذا كان مع الألف واللام ثني وجمع وأنث. تقول: زيد الأفضل، والزيدان الأفضلان، والزيدون الأفضلون. وإن شئت الأفاضل، وهند الفضلى، وهندان الفضليان، والهندات الفضليات، وإن شئت الفضل، قال تعالى: "إنها لإحدى الكبر". والألف واللام تعاقبان من، فلا يجوز الجمع بينهما. لا يقال زيد الأفضل من عمرو. ولا يستعمل فعلى التفضيل إلا بالألف واللام. لا يقال جاءتني فضلى. وقد غلطوا أبا نواس في قوله:
كأن صغرى وكبرى من فواقعهـاحصباء در على أرض من الذهب
وإنما استعمل من هذا القبيل أخرى. قال الله تعالى: "ومنها نخرجكم تارة أخرى". وقالوا: دنيا، في تأنيث الأدنى. ولا يجوز القياس عليهما: قال الأخفش: قرأ بعضهم: "وقولوا للناس حسنى". وذلك لا يجوز عند سيبويه وسائر النحويين. وإذا كان أفعل مضافاً ففيه وجهان. أحدهما أن يجري مجراه إذا كان معه من فيستوي فيه التثنية والجمع والتذكير والتأنيث. تقول زيد أفضل قومك، والزيدان أفضل قومك، والزيدون أفضل قومك، وهند أفضل بناتك، والهندان أفضل بناتك، والهندات افضل بناتك. وهذا الوجه شائع في النثر والشعر. قال الله تعالى: "ولتجدنهم أحرص الناس على حياة. ولم يقل، أحرصي، وقال ذو الرمة:
ومية أحسن الثقلين جيداًوسالفة وأحسبته قذالا
ولم يقل حسنى الثقلين نولا حسناه. وقال جرير:
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك بهوهن أضعف خلق الله إنسـانـاً
 وعلى هذا قول الناس: أولى النعم بالشكر وأجل النعم عندي كذا وكذا. والوجه الثاني في إضافته، أن يعتبر فيه حال دخول الألف واللام فيثنى ويجمع ويؤنث. فيقال: زيد أفضل قومك، والزيادا أفضلا قومك، والزيدون أفضلو قومك، وهند فضلى بناتك، والهندان فضليا بناتك، والهندات فضليات بناتك. فهذه الأحوال الثلاثة أثبتها مستقصاة. ومن شرط أفعل هذا أن لا يضاف إلا إلى ما هو بعض منه. كقولك زيد أفضل الرجال، وهند أفضل النسا. ولا يجوز على الضد، ولهذا لا يجوز، زيد أفضل أخوته، لأن الإضافة تخرجه من جملتهم. ويجوز، زيد أفضل لإخوته. والإضافة في جميع هذا ليست بمعنى اللام، ولا بمعنى من، جاز أن تقول: الرجال أفضل القوم. كان زيد واحداً منهم. وإذا قلت: زيد أفضل من القوم. كان خارجاً من جملتهم. فهذا هو الفرق بين اللفظين. ومن شرطج أفعل هذا أيضاً، أن يكون مصوغاً من فعل ثلاثي. نحو: زيد أفضل وأكرم وأعلم من عمرو. وذلك أن بعض ما زاد على ثلاثة أحرف يمتنع أن يبنى منه أفعل نحو: دحرج واستخرج وتدحرج وتخرج وأشباها. وبعضه يؤدي إلى اللبس. كقولك: زيد أكرم وأفضل وأحسن من غيره، وأنت تريد بها الزيادة في الأفضال والأكرام والإحسان، فأتوا بما يزيل اللبس والامتناع، وهو أنهم بنوا من الثلاثي لفظاً ينبئ عن الزيادة، وأوقعوه على مصدر ما أرادوا تفضيله فيه فقالوا: زيد أكثر إفضالاً وإكراماً وأعمإ، حساناً وأشد استخراجاً وأسرع انطلاقاً، وما أشبه ذلك. ولا يبنى أفعل من المفعول إلا في الندرة. نحو قولهم: أشغل من ذات النحيين، وأشهر من الأبلق، والعود أحمد، ومنا أشبهها، وذلك أن المفعول لا تأثير له في الفعل الذي يحل به حتى يتصور فيه الزيادة والنقصان. وكذلك حكم ما كان خلقه، كالألوان والعيوب. لا تقول: زيد أبيض من عمرو؛ ولا أعور منه، بل تقول أشد بياضاً، وأقبح عواً. لأن هذه الأشياء مستقرة في الشخص ولا تكاد تتغير فجرت مجرى الأعضاء الثابتة التي لا معنى للفعل فيها. نحو: اليد والرجل. لا تقول: زيد أيدي أبيض من عمرو؛ ولا أعور منه، بل تقول أشد بياضاً، وأقبح عوراً. لأن هذه الأشياء مستقرة في الشخص ولا تكاد تتغير فجرت مجرى الأعضاء الثابتة التي لا معنى للفعل فيها. نحو: اليد والرجل. لا تقول: زيد أيدي من عمرو، ولا فلان أرجل من فلان. قال الفراء: إنما ينظر في هذا إلى ما يجوز أن يكون أقل أو أكثر، فيكون أفعل دليلاً على الكثرة والزيادة، ألا ترى أنك تقول: زيد أجمل من فلان، إذا كان جماله يزيد على جماله. ولا تقول للأعميين: هذا أعمى من ذاك. فأما قوله تعالى: ومن كان في هذه أعمى. فإنما جاز ذلك لأنه من عمى القلب. تقول: عمي يعمي عمى فهو عم، وأعمى، وهم عمون وعمي وعميان. قال الله تعالى: بل هم منها عمون. وقال تعالى: "صم بكم عمي". وقال: لم يخروا عليها صماً وعمياناً. فالأول في الآية اسم. والثاني تفضيل، أي من كان في هذه، يعني في الدنيا، أعمى القلب عما يرى من قدرة الله في خلق السموات والأرض وغيرها مما يعانيه فلا يؤمن به، فهو عما يغيب عنه من أمر الآخرة أعمى أن يؤمن به، أي أشد عمى. ويدل على هذا قوله تعالى: "وأضل سبيلاً". وقرأ أبو عمرو. ومن كان في هذه أعمى، بالإمالة، فهو في الآخرة أعمى، بالتفخيم. أراد أن يفرق بين ما هو اسم، وبين ما هو أفعل منه بالإمالة وتركها. وكل ما كان على أفعل صفة لا يبنى منه أفعل التفضيل. نحو قولهم: فلان أحمق من كذا. فهو من الحمق. لأنه يقال، رجل حمق، كما يقال، رجل أحمق. ومنه قول يزيد بن الحكم:
قد يقتر الحول التقيويكثر الحمق الأثيم
وكذلك قوله تعالى: "فهو في الآخرة أعمى". من قولك: هذا أعمى وهذا أعمى منه. وحكم ما أفعله وأفعل به في التعجب، حكم أفعل في التفضيل في أنه أيضاً لا يبنى إلا من الثلاثي. ولا يتعجب من الألوان والعيوب إلا بلفظ مصوغ من الفعل الثلاثي، كما تقدم، فلا يقال: ما أعوره ولا ما أعرجه. بل يقال: ما أشد عوره وأسوأ عرجه وما أشد بياضه وسواده. وقل من قال: أبيض من أخت بني أباض.
وقول الآخر:
أما الملوك فأنت اليوم الأمهملؤماً وأبيضهم سربال طباخ
محمولان على الشذوذ. وكذلك قولهم: ما أعطاه، وما أولاه للمعروف، وما أحوجه. يريدون ما أشد احتياجه. على أن بعضهم قال: ما أحوجه، من حاج يحوج حوجاً، أي احتاج. وقال بعضهم: إنما فعلوا هذا بعد حذف الزيادة ورد الفعل إلى الثلاثي. وهذا وجه حسن. وحكم أفعل به في التعجب حكم ما أفعله. لا يقال أعور به كما لا يقال ما أعوره بل يقال أشدد بعوره. ويستوي في لفظ أفعل به المذكر والمؤنث التثنية والجمع. تقول: يا زيد أكرم بعمرو ويا هند أكرم بزيد ويا رجلان أكرم ويا رجال أكرم، كما كان في ما أحسن زيداً وما أحسن هنداً وما أحسن الزيدين وما أحسن الهندات. كذلك قال أبو عبد الله حمزة ابن الحسن في كتابه المعنون، بأفعل ، حاكياً عن المازني أنه قال: قد جاءت أحرف كثيرة مما زاد فعله على ثلاثة أحرف فأدخلت العرب عليه التعجب قالوا ما اتقاه لله وما أنتنه وما أظلمها وما أضوأها وللفقير ما أفقره وللغني ما أغناه، وإنما يقال في فعلهما افتقر واستغنى، وقالوا للمستقيم ما أقومه وللمتمكن عند الأمير ما أمكنه وقالوا ما أصوبه وهذا على لغة من يقول صاب بمعنى أصاب وقالوا ما أخطأه لأن بعض العرب يقولون خطئت في معنى أخطأت. وقال: "يا لهف هند إذا خطئن كلاهما" وقالوا ما أشغله وإنما يقولون في فعله شغل وما أزهاه وفعله شغل وما أزهاه وفعله زهي. وقالوا ما آبله، يريدون، ما أكثر إبله. وإنما يقولون تأبلاً إبلاً، إذا اتخذها. وقالوا ما أبغضه لي وما أحبه إلي وما أعجبه برأيه. وقال بعض العرب: ما إملأ القربة. ما حكاه عن الماغزني. ثم قال وقال أبو الحسن الأخفش: لا يكادون يقولون في الأرسح ما أسحه ولا في الأسته ما أستهه. قال: وسمعت منهم من يقول: رسح وسته فهؤلاء يقولون ما أرسحه وما أسته. قلت: في بعض هذا الكلام نظر. وذلك أن الحكم، بأن هذه الكلمات كلها من المزيد فيه، غير مسلم. لأن قولهم: ما أتقاه لله، يمكن أن يحمل على لغة من يقول: تقاه يتقيه، بفتح التاء، من الميتقبل، وسكونها. حتى قد قالوا أتقي الأتقياء. وبنوا منه تقي يتقي، مثل، سقى يسقى. إلا أن المستعمل تحريك التاء من يتقي، وعليه ورد الشعر، كما قال:
زيادرتنا نعمان لا تنسـينـهـاتقي الله فينا والكتاب الذي تتلو
وقال آخر:
ولا اتقي الغيور إذا رآنـيومثلي لزبا لحمس الربيس
فلما وجدوا الثلاثي منه مستعملاً بنوا عليه فعل التعجب، وبنوا منه فعيلاً كالتقي، وقالوا منه على هذه القضية، ما اتقاه لله، وقولهم، ما أنتنه، إنما حملوه على أنه من باب نتن ينتن نتناً وهي لغة في أنتن ينتن. فمن قال نتن قال في الفاعل منتن، ومن قال منتن بناه على أنتن. هذا قول أبي عبيد عن أبي عمرو. وقال غيسره: منتن في الأصل منتين فحذفوا المدة فقالوا منتن والقياس أن يقولوا نتن فهو ناتن أو نتين ولو قالوا نتن فهو نتن على قياس صعب فهو صعب، كان جائزاً. وقولهم: ما أظلمها وأضوأها، من هذا القبيل أيضاً، لأن ظلم يظلم ظلمة لغة في أظلم وكذلك ما أضوأها يعنون الليلة إنما هو من ضاء يضوء ضوءاً أو ضواء وهي لغة في أضاء يضيء إضاءة. وإذا كان الأمر على ما ذكرت كان التعجب على قانونه. وأما قوله قاوا للفقير ما أفقره فيجوز أن يقال أنهم لما وجدوه على فعيل توهموه من باب فعل، بضم العين، مثل صغر فهو صغير، وكبر فهو كبير، أو حملوه على ضده فقدروه من باب فعل بكسر العين كغني فهو غني كما حملوا عدوة الله على صديقة وذلك من عادتهم أن يحملوا الشيء على نقيضه كقوله:
إذا رضيت علي بنو قشيرلعمر الله أعجبني رضاها


فوصل رضيت بعلي لأنهم قالوا في ضده سخط علي، ومثل هذا موجود في كلتامهم. أو حملوه على فعيل بمعنى مفعول فقد قالوا: إنه المكسور الفقار. وإذا حمل على هذا الوجه كان في الشذوذ مثله إذا حمل افتقر. وأما قولهم: ما أغناه، فهو على النهج الواضح لأنه من قولهم غني يغنى غني فهو غني، فلا حاجة بنا إلى حمله على الشذوذ. وأما قولهم للمستقيم ما أقومه فقد حملوه على قولهم شيء قويم، أي مستقيم، وقام بمعنى استقام صحيح. قال الراجز وقال ميزان النهار فاعتدل. ويقولون دينار قائم، إذا لم يزد على مثقال ولم ينقص، وذلك لاستقامة فيه، فعلى هذا الوجه ما أقومه غير شاذ. وقولهم للمتمكن عند الأمير ما أمكنه. إنما هو من قولهم: فلان مكين عند فلان وله مكانة عنده أي منزلة. فلما رأوا المكانة، وهي من مصادر فعل، بضم العين، وسمعوا المكين، وهو من نعوت هذا الباب. نحو كرم فهو كريم وشرف فهو شريف. توهموا أنه من مكن مكانة فهو مكين. مثصل متن متانة فهو متني. فقالوا: ما أمكنه! وفلان أمكن من فلان. وليس توهمهم هذا بأغرب من توهمهم الميم في التمكن والإمكان والمكانة والمكان وما اشتق منها أصلية. وجميع هذا من الكون وهذا كما أنهم توهموا الميم في المسكين أصلية فقالوا تمسكن، ولهذا نظائر. وأما قولهم ما أصوبه على لغة من يقول صاب، يعني أصاب. ولم يزيدوا على هذا فإني أقول هذا اللفظ، أعني لفظ صاب، مبهم لا ينبئ عن معنى واضح. وذلك أن صاب يكون من صاب المطر يصوب صوباً، إذا نزل. وصاب السهم يصوب صيبوبة، إذا قصد، ولم يجر. وصاب السهم القرطاس، يصيبه صيباً لغة في أصاب. ومنه المثل: مع الخواطيء سهم صائب. فإن أرادوا بقولهم صاب هذا الأخير كان من حقهم أن يقولوا ما أصيبه لأنه يائي. وأن أرادوا بقولهم أصاب، أي أتى بالصواب من القول، فلا يقال فيه صاب يصيب. ومإما قوله قالوا ما أخطأه لأن بعض العرب يقول خطئت في معنى أخطأت فهو على ما قال. وأما ما أشغله فلا ريب في شذوذه لأنه أن حمل على الاشتغال كان شاذاً، وإن حمل على أنه من المفعول فكذلك. وأما ما أزهاه وحمله على الشذوذ من قولهم زهى فهو مزهو فإن ابن دريد قال يقال زها يزهو زهواً أي تكبر. ومنه قولهم ما أزهاه وليس هذا من زهى لبأن ما لم يسم فاعله لا يتعجب منه. هذا كلامه. وأمر آخر وهو أن بين قولهم ما أشغله وما أزهاه إذا حمل على زهو فرقاً ظاهراً، وذلك أن المزهو وأن كان مفعولاً في اللفظ فهو في المعنى فاعل لأنه لم يقع عليه فعل من غيره كالمشغول الذي شغله غيره، فلو حمل ما أزهاه على التعجب من الفاعل المعنوي لم يكن بأس. وأما قولهم ما آبله أي ما أكثر إبله ثم قوله وإنما يقولون تأبل إبلاً إذا اتخذها ففي كل واحد منهما خلل. وذلك أن قولهم ما آبله ليس من الكثير في شيء إنما هو تعجب من قولهم أبل الرجل يأبل إبالة مث لشكس شكاسة فهو أبل وآبل أي حاذق بمصلحة الأبل. وفلان آبل الناس، أي من أشدهم تأنقاً في رعية الإبل وأعلمهم بها، فقولهم ما آبله معناه ما أحذقه وأعلمه بها. وإذا صح هذا فحمله ما آبله على الشذوذ سهو، ثم حمله على معنى كثر عنده الإبل سهو ثان. وقوله تأبل أي اتخذ إبلاً سهو ثالث. وذلك أن التأبل لفا هو امتناع الرجل من غشيان المرأة ومنه الحديث: لقد تأبل آدم على ابنه المقتول كذا عاماً. وتأبلت الإبل، اجتزئت بالرطب عن الماء والصحيح في اتخاذ الإبل واقتنائها قول طفيل الغنوي:
فأبل واسترخى به الخطب بعدماأساف ولولا سعينا لـم يؤبـل
 أي لم يكن صاحب إبل، ولا اتخذها قنوة. وقوله ما أبغضه لي، ويروى ما بغضه إلي. وبين الروايتين فرق بين. وذلك أن ما أبغضه لي يكون من المبغض، أي ما أشد إبغاضه لي. وما أبغضه إلي يكون من البغيض بمعنى المبغض أي ما اشد إبغاضي له. وكلا الوجهين شاذ. وكذلك ما أحبه إلي. أن جعلته من حببته أحبه فهو حبيب ومحبوب، كان شاذاَ. وإن جعلته من أحببته فهو محب، فكذلك. وقولهم ما أعجبه برأيه هو من الإعجاب لا غير، يقال أعجب فلان برأيهن على ما لم يسم فاعله، فهو معجب. وأما قول بعض العرب، ما املأ القربة. فهو أن حملته على الامتلاء أو على المملوء، كان شاذاً. وأما قول الأخفش لا يكادون يقولون في الأرسح ما أرسحه ولا في الأسته ما أستهه فكلام مستقيم لأنه من العيوب والخلق. وقد تقدم هذا الحكم. قال: وسمعت منهم من يقول رسح وسته فهؤلاء يقولون ما أرسحه وما أستهه. قلت: أنهم إذا بنوا من فعل يفعل صفة على فعل قالوا في مؤنثه فعلة نحو أسف فهو أسف والمرأة اسفة وسحاب نمر وللمؤنث نمرة ولم يسمع امرأة رسحة ولا ستهة بل قالوا رسحاء وستهاء. فهذا يدل على أن المذكر أرسح وأسته. هذا وقد شذا حرف يسيرة في كتابي هذا عن باب افعل من كذا، وكان من حقها أن تكون فيه نحو من قولهم أقبح هزيلين المرأة والفرس وأسوأ القول الإفراط وأشباههما لكنها، لما زلت عن أماكنها، تجوزت فيها إذا لم تكن مقرونة بمن كما تجوز همزة في إيراد قولهم أكذب من دب ودرج وأعلم بمنبت القصيص وأسد قوي سهماً في أفعل كذا. ولا شك أن الجميع في حكم افعل التفضيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق