الاثنين، 24 أبريل 2017

تركته تغنيه الجرادتان

يضرب لمن كان لاهياً في نعمة ودعة. والجرادتان، قينتا معاوية بن بكر، أحد العماليق. وأن عاداً لما كذبوا هوداً عليه السلام توالت عليهم ثلاث سنوات لم يروا فيها مطراً فبعثوا من قومهم وفداً إلى مكة، ليستسقوا لهم، ورأسوا عليهم قيل برعنق، ولقيم بن هزال، ولقمان بن عاد. وكان أهل مكة إذ ذاك العماليق، وهم بني عمليق بن لاوذ بن سام، وكان سيدهم بمكة معاوية بن بكر. فلما قدموا، نزلوا عليه، لأنهم كانوا أخواله وأصهاره فأقاموا عنده شهراً. وكان يكرمهم والجرادتان تغنيانهم فنسوا قومهم شهراً فقال معاوية: هلك أخوالي، ولو قلت لهؤلاء شيئاً ظنوا بي بخلاً. فقال شعراً وألقاه إلى الجرادتين فأنشدتاه، وهو:
ألا يا قيل ويحك قم فـهـينـملعل الله يبعثهـا غـمـامـا
فيسقي أرض عـاد إن عـاداقد أمسوا لا يبينون الكلامـا
من العطش الشديد فليس ترجولها الشيخ الكبير ولا الغلامـا
وقد كانت نساؤهـم بـخـيرفقد أمست نساؤهـم أيامـى
وإن الوحش يأتيهم جـهـاراولا يخشى لعاديٍّ سـهـامـا
وأنتم ههنا فيما اشـتـهـيتـمنهاركم وليلكم الـتـمـامـا
فقبح وفدكم مـن وفـد قـومولا لقوا التحية والسـلامـا
فلما غنتهم الجرادتان بهذا، قال بعضهم لبعض: يا قوم إنما بعثكم قومكم يتغوثون بكم. فقاموا ليدعوا، وتخلف لقمان، وكانوا إذا دعوا جاءهم نداء من السماء أن سلوا ما شئتم فتعطون ما سألتم. فدعوا ربهم واستسقوا لقومهم فأنشأ الله لهم ثلاث سحابات بيضاء وحمراء وسوداء. ثم نادى مناد من السماء: يا قيل اختر لقومك ولنفسك واحدة من هذه السحائب. فقال: أما البيضاء فجفل، وأما الحمراء فعارض، وأما السوداء فهطلة، وهي أكثرها ماء، فاختارها. فنادى منادٍ: قد اخترت لقومك رماداً رمدا لا تبقي من عادا أحدا، لا والداً ولا ولداً. قال وسير الله السحابة التي اختارها قيل إلى عاد. ونودي لقمان: سل. فسأل عمر ثلاثة أنسر غأعطي ذلك. وكان يأخذ فرخ النسر من وكره فلا يزال عنده حتى يموت. وكان آخرها لبد وهو الذي يقول فيه النابغة:
أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملواأخنى عليها الذي أخنى على لـبـد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق