الأحد، 12 مارس 2017

إلادهٍ فلادهٍ

روى ابن الأعرابي: الده فلده، ساكن الهاء. ويروى أيضاً، إلاده فلاده، أي أن لم تعط الاثنين لا تعط العشرة. قال أبو عبيد: يضربه الرجل يقول أريد كذا وكذا فإن قيل له ليس يمكن ذا. قال: فكذا وكذا. وقال الأصمعي: معناه أن لم يكن هذا الآن فلا يكون بعد الآن، وقال: لا أدري ما أصله. قال رؤبة: وقول إلاده فلاده. قال المنذري: قالوا معناه إلا هذه فلا هذه، يعني أن الأصل إلاذه فلاذه، بالذال المعجمة، فعربت بالدال غير المعجمة، كما قالوا يهوذا ثم عرب فقيل يهوداً. وقيل: أصله الأدهى، أي أن لم تضرب. فأدخل التنوين فسقط الياء. قال رؤبة:
فاليوم قد نهنهني منهنهيوأول حلم ليس بالمسفه
وقـول إلاده فــلادهوحقه ليست بقول التره
يقولك زجرني زواجر العقل ورجوع حلم ليس ينسب إلى السفه وقول، أي ورجوع قول، أي نساء قول يقلن أن لم تتب الآن مع هذه الدواعي لا تتب أبداً: وقوله حقة، أي وقالة حقة، يقال حق وحقة، كما يقال أهل وأهلة، يريد الموت وقربه. روى هشام بن محمد الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن عقيل عن أبي طالب قال: كان عبد المطلب بن هاشم نديماً لحرب بن أمية حتى تنافرا إلى نفيل بن عبد العزي، جد عمر بن الخطاب، فانفرد عبد المطلب فتفرقا ومات عبد المطلب وهو ابن عشرين ومائة سنة، ومات قبل الفجار في الحرب التي بين هوازن. ويقال بل تنافرا إلى غزي سلمة الكاهن. قالوا: كان لعبد المطلب ماء بالطائف، يقال له ذو الهرم، فجاء الثقفيون فاحتفروه فخاصمهم عبد المطلب إلى غزي، أو إلى نفيل، فخرج عبد المطلب مع ابنه الحرث وليس له يومئذ غيره، وخرج الثففيون مع صاحبهم وحرب بن أمية معهم على عبد المطلب فنفد ماء عبد المطلب فطلب إليهم أن يسقوه فأبوا، فبلغ العطش منه كل مبلغ، واشرف على الهلاك، فبينا عبد المطلب يثير بعيره ليركب إذ فجر الله له عيناً من تحت جرانه فحمد الله وعلم أن ذلك منه فشرب وشرب أصحابه ريهم وتزودوا منه حاجتهم. ونفد ماء الثقفيين فطلبوا إلى عبدي المطلب أن يسقيهم فأنعم عليهم. فقال له ابنه الحرث: لأنحنين على سيفي حتى يخرج من ظهري. فقال عبد المطلب: لأسقينهم فلا تفعل ذلك بنفسك، فسقاهم ثم انطلقوا حتى أتوا الكاهن وقد خبؤا له رأس جرادة في خرزة مزادة وجعلوه في قلادة كلب لهم يقال له سوار، فلما أتوا الكاهن إذا هم ببقرتين تسوقان بينهما بخرجاً كلتاهما تزعم أنه ولدها، ولدتا في ليلة واحدة، فأكل النمر أحد البخرجين فهما ترأمان الباقي، فلما وقفتا بين يديه قال الكاهن: هل تدرون ما تريد هاتان البقرتان? قالوا: لا. قال الكاهن: ذهب به ذو جسد أربد، وشدق مرمع، وناب معلق، ما للصغرى في ولد الكبرى حق. فقضى به للكبرى ثم قال: ما حاجتكم? قالوا: قد خبأنا لك خبأ فانبئنا عنه ثم نخبرك بحاجتنا. قال: خبأتم لي شيئاً طار فسطع فتصوب فوقع في الأرض منه بقع. فقالوا: لاده، أي بينه. قال: هو شيء طار فاستطار، ذو ذنب جرار، وساق كالمنشار، ورأس كالمسمار. فقالوا: لاده. قال: أن لاده فلاده، هو رأس جرادة، في خرز مزادة، في عنق سوار ذي القلادة. قالوا: صدقت فأخبرنا فيما اختصمنا إليك? فأخبرهم وانتسبوا له فقضى بينهم، ورجعوا إلى منازلهم على حكمه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق