الجمعة، 10 مارس 2017

آكل لحمي ولا أدعه لآكل

أول من قال ذلك، العيار بن عبد الله الضبي، ثم أحد بني السيد بن مالك ابن بكر بن سعد بن ضبة، وكان من حديثه، فيما ذكر المفضل، أن العيار وفد هو وحبيش بن دلف، وضرار بن عمرو، الضبيان، على النعمان فأكرمهم، أجرى عليهم نزلاً، وكان العيار رجلاً بطالاً يقول الشعر ويضحك المولك، وكان قد قال:
لا أذبح النازي الشبوب ولاأسلخ يوم المقامة العنقـا
وكان منزلهم واحداً، وكان النعمان بادياً، فأرسل إليهم بجزر فيهن تيس، فأكلوهن غير التيس. فقال ضرار للعيار وهو أحدثهم سناً: إنه ليس عندنا من يسلخ هذا التيس فلو ذبحته وكفيتنا ذلك. قال العيار: ما أبالي أن أفعل، فذبح التيس وسلخه فانطلق ضرار إلى النعمان فقال: أبيت اللعن أن العيار يسلخ تيساً. قال: أبعد ما قال. قال: نعم فأرسل إليه النعمان، فوجده الرسول يسلخ تيساً فأتى به. فقال له: أبن قولك لا أذبح النازي الشبوب، وأنشده البيت، فخجل العيار، وضحك النعمان منه ساعة. وعرف العيار أن ضراراً هو الذي أخبر النعمان بما صنع، وكان النعمان يجلس بالهاجرة فغي ظل سرادقه، وكان كسا ضراراً حلة من حلله، وكان ضرار شيخاً أعرج بادناً كثير اللحم. قال: فسكت العيار حتى كان ساعة النعمان التي يجلس فيها في سرادقه ويؤتى بطعامه، عمد العيار إلى حلة ضرار فلبسها ثم خرج يتعارج، حتى إذا كان بحيال النعمان كشف عنه فخرئ. فقال النعمان: ما لضرار قاتله الله لا يهابني عند طعامي? فغضب على ضرار، فحلف ضرار ما فعل. قال: ولكني أرى أن العيار فعل هذا من أجل أني ذكرت سلخه التيس. فوقع بينهما كلام حتى تشاتما عند النعمان. فلما كان بعد ذلك ووقع بين ضرار وبين أبي مرحب أخي بني يربوع ما وقع تناول أبو مرحب ضراراً عند النعمان والعيار شاهد فشتم العيار أبا مرحب وزجره. فقال النعمان: أتشتم أبا مرحب في ضرار وقد سمعتك تقول له شراً مما قال له أبو مرحب. فقال العيار: أبيت اللعن وأسعدك الهك آكل لحمي ولا أدعه لآكل فأرسلها مثلاً. فقال النعمان: لا يملك مولي لمولى نصراً. فأرسلها مثلاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق