الأحد، 5 مارس 2017

إنك خير من تفاريق العصا

قالوا: هذا من قول غنية الأعرابية لابنها، وكان عارماً، كثير التلفت إلى الناس، مع ضعف أسر، ودقة عظم، فوائب يوماً فتى فقطع الفتى أنفه، فأخذت غنية دية أنفه فحسنت حالها بعد فقر مدقع. ثم واثب آخر فقطع أذنه فأخذت ديتها فزادت حسن حال، ثم واثب آخر فقطع شفته فأخذت الدية فلما رأت ما صار عندها من الإبل والغنم والمتاع، وذلك من كسب جوارح ابنها، حسن رأيها فيه وذكرته في أرجوزتها فقالت:  
احلف بأمروة حقاً والصفـاأنك خير من تفاريق العصا
قيل لإعرابي: ما تفاريق العصا تقطع ساجوراً والسواجير تكون للكلاب وللأسرى من الناس، ثم تقطع عصا الساجور فتصير أوتاداً ويفرق الوتد فتصير كل قطعة شظاظاً، فإن جعل لرأس الشظاظ كالفلكة صار للبختي مهاراً وهو العود الذي يدخل في أنف البختي، وإذا فرق المهار جاءت منه تواد وهي الخشبة التي تشد على خلف الناقة إذا صرت، هذا إذا كانت عصا، فإذا كانت قناة فكل شق منها قوس بندق، فإن فرقت الشقة صارت سهاماً، فإن فرقت السهام صارت حظاء، فإن فرقت الحظاء صارت مغازل، فإن فرقت المغازل شعب به الشعاب أقداحه المصدوعة وقصاعه المشقوقة، على أنه لا يجد لها أصلح منها وأليق بها. يضرب فيمن نفعه أعم من نفع غيره.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق