الثلاثاء، 15 أغسطس 2017

أحمى من مجير الظعن

هو ربيعة بن مكدم الكناني. ومن حديثه، فيما ذكر أبو عبيدة، أن نبيشة بن حبيب السلمي خرج غازياً فلقي ظعناً من كنانة بالكديد فأراد أن يحتويها، فمانعه ربيعة بن مكدم في فوارس، وكان غلاماً له ذؤابة، فشد عليه نبيشة فطعنه في عضده، فأتى ربيعة أمه وقال: شدي على العصب أم سيار، فقد رزئت فارساً كالدينار. فقالت أمه:
أنا بني ربيعة بن مـالـكنرزأ في خيارنا كـذلـك
من بين مقتول وبين هالك
ثم عصبته فاستسقاها ماء فقالت: اذهب فقاتل القوم فإن الماء لا يفوتك. فرجع وكر على القوم فكشفهم ورجع إلى الظعن وقال: إني لمائت، وسأحميكن ميتاً كما حميتكن حياً بأن أقف بفرسي على العقبة وأتكئ على رمحي، فإن فاضت نفسي كان الرمح عمادي فالنجاء، النجاء، فإني أرد بذلك وجوه القوم ساعة من النهار. فقطعن العقبة ووقف هو بإزاء القوم على فرسه متكئاً على رمحه، ونزفة الدم ففاظ والقوم بإزائه يحجمون عن الإقدام عليه، فلما طال وقوفه في مكانه، ورأوه لا يزول عنه، رموا فرسه فقمص وخر ربيعة لوجهه، فطلبوا الظعن فلم يلحقوهن. ثم أن حفص بن الأحنف الكناني مر بجيفة ربيعة فعرفها فأمال عليها أحجاراً من الحرة وقال يبكيه:
لا يبعدن ربيعة بـن مـكـدموسقى الغوادي قبرها بذنـوب
نفرت قلوصي من حجارة حرةبنيت على طلق اليدين وهوب
لا تنفري يا ناق منـه فـإنـهشراب خمر مسعر لحـروب
لولا السفار وبعده من مهمـهلتركتها تحبو على العرقـوب
قال أبو عبيدة: قال أبو عمرو بن العلاء: ما نعلم قتيلاً حمى ظعائن غير ربيعة بن مكدم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق