الأحد، 30 أبريل 2017

ثكل أرأمها ولداً

قاله بيهس الملقب بنعامة لأمه حين رجع إليها بعد أخوته الذين قتلوا قال المفضل: كان من حيث بيهس أنه كان رجلاً من بني فزارة بن ذبيان ابن بغيض، وكان سابع سبعة أخوة، فأغار عليهم ناس من أشجع بينهم وبينهم حرب، وهم في إبلهم، فقتلوا منهم ستة، وبقي بيهس، وكان يحمق، وكان أصغرهم، فأرادوا قتله ثم قالوا: وما تريدون من قتل هذا? يحسب عليكم برجل ولا خير فيه. فتركوه فقال: دعوني أتوصل معكم إلى الحي فإنكم إن تركتموني وجدي أكلتني السباع، وقتلني العطش. ففعلوا. فأقبل معهم، فلما كان من الغد نزلوا فنحروا جزوراً في يوم شديد الحر فقالوا: ظللوا لحمكم لا يفسد. فقال بيهس: لكن بالأثلات لحم لا يظلل. فذهبت مثلاً. فلما قال ذلك قالوا: إنه لمنكر. وعموا أن يقتلوه، ثم تركوه وظلوا يشوون من لحم الجزور ويأكلون. فقال أحدهم: ما أطيب يومنا وأخصبه! فقال بيهس: لكن على بلد قوم عجفى. فأرسلها مثلاً. ثم انشعب طريقهم فأتى أمه فأخبرها الخبر قالت: فما جاءني بك من بين أخوتك? فقال بيهس: لو خيرت لاخترت. فذهبت مثلاً. ثم إن أمه عطفت عليه، ورقت له. فقال الناس: لقد أحبت أم بيهس بيهساً. فقال بيهس: ثكل أرأمها ولداً. أي عطفها على ولد. فأرسلها مثلاً. ثم أن أمه جعلت تعطيه بعد ذلك ثياب إخوته فيلبسها ويقول: يا حبذا التراث لولا الذلة. فأرسلها مثلاً. ثم أنه أتى على ذلك ما شاء الله، فمر بنسوة من قومه يصلحن امرأة منهن، يردن أن يهدينها لبعض القوم الذين قتلوا أخوته، فكشف ثوبه عن إسته وغطى به رأسه. فقلن له: ويحك ما تصنع يا بيهس? فقال:
إلبس لكل حالة لبوسهاأما نعيمها وأما بوسها
فأرسلها مثلاً. ثم أمر النساء من كنانة وغيرها فصنعن له طعاماً، فجعل يأكل ويقول: حبذا كثرة الأيدي في غير طعام. فأرسلها مثلاً. فقالت أمه: لا يطلب هذا بثأر أبداً فقالت الكنانية: لا تأمنني الأحمق وفي يده سكين. فأرسلتها مثلاً. ثم أنه أخبر أن ناساً من أشجع في غار يشربون فيه، فانطلق بخال له يقال له أبو حنش فقال له: هل لك في غار فيه ظباء لعلنا نصيب منها? ويروى: هل لك في غنيمة باردة? فأرسلها مثلاً. ثم انطلق بيهس بخاله حتى أقامه على فم الغار، ثم دفع أبا حنش في الغار فقال ضرباً أبا حنش. فقال بعضهم: أن أبا حنش لبطل. فقال أبو حنش: مكره أخوك لا بطل. فأرسلها مثلاً. قال المتلمس في ذلك:
ومن طلب الأوتار ما حـز أنـفـهقصير وخاض الموت بالسيف بيهس
نعامة لما صرع القـوم رهـطـهتبين في أثـوابـه كـيف يلـبـس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق