الخميس، 1 يونيو 2017

أجود من حاتم

هو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج. كان جواداً شجاعاً شاعراً مظفراً. إذا قاتل غلب، وإذا غنم نهب، وإذا سئل وهب، وإذا ضرب بالقداح سبق، وإذا أسر أطلق، وإذا أثرى أنفق، وكان أقسم بالله لا يقتل واحد أمه. ومن حديثه أنه خرج في الشهر الحرام يطلب حاجة فلما كان بأرض عنزة ناداه أسير لهم: يا أبا سفانة أكلني الأسار والقمل. فقال: ويحك ما أنا في بلاد قومي، وما معي شيء وقد أسأتني إذ نوهت بإسمي ومالك مترك. ثم ساوم به العنزيين واشتراه منهم فخلاه، وأقام مكانه في قده حتى أتى بفدائه فأداه إليهم. ومن حديثه أن ماوية امرأة حاتم حدثت أن الناس أصابتهم سنة فأذهبت الخف والظلف، فبتنا ذات ليلة بأشد الجوع، فأخذ حاتم عدياً، وأخذت سفانة فعللناهما حتى ناما، ثم أخذ يعللني بالحديث لأنام، فرققت له لما به منه الجهد فأمسكت عن كلامه لينام ويظن إني نائمة. فقال لي: أنمت? مراراً. فلم أجبه، فسكت، ونظر من وراء الخباء فإذا شيء قد أقبل، فرفع رأسه، فإذا امرأة تقول: يا أبا سفانة أتيتك من عند صبية جياع. فقال: أحضريني صبيانك فوالله لأشبعنهم. قالت: فقمت مسرعة فقلت: بماذا يا حاتم? فوالله ما نام صبيانك من الجوع إلا بالتعليل. فقام إلى فرسه فذبحه، ثم أجج ناراً ودفع إليها شفرة وقال: اشتوي وكلي وأطعمي ولدك. وقال لي: أيقظي صبيتك. فأيقظتهما. ثم قال: والله أن هذا للؤم أن تأكلوا وأهل الصرم حالهم كحالكم. فجعل يأتي الصرم بيتاً بيتاً ويقول: عليكم النار. فاجتمعوا وأكلوا، وتقنع بكسائه وقعد ناحية حتى لم يوجد من الفرس على الأرض قليل ولا كثير ولم يذق منه شيئاً. وزعم الطائيون أن حاتماً أخذ الجود عن أمه غنية بنت عفيف الطائية، وكانت لا تبقي شيئاً سخاء وجوداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق